الإنسان لا يخترع شئ من العدم ولا حتى الفكرة ، وأصل
كل قصة حدث وقع بالفعل
كيف تأتى الفكرة لعقل الإنسان
المقدمة :-
كيف تأتى الفكرة لعقل الإنسان ، وهل الإنسان لديه القدرة على أن يأتى بالفكرة مما لا شئ فيخترع الأساطير ووجود الملائكة والشياطين (الذين لا يراهم) مما لا شئ أم أن الإنسان ليس له قدرة على اختراع شئ من العدم ولا حتى الفكرة وأنه فقط يحاكى ما يراه بالطبيعة سواء كانت نظريات علمية أو قصص وقع أمامه ، ثم يطور النظرية أو القصص لشئ يريد أن يستفيد منه ، فيخترع أشياء مفيدة و يخترع أشياء ضارة ؟؟!!!!
وإذا كان لدى الإنسان هذه القدرة على اختراع أشياء من العدم ، فلماذا نجد دائما أن نظريات مخترعاته لها أصل فى الطبيعة وأنه بعد أن اكتشف هذا الأصل و عرف نظريته ، بدأ استخدام تلك النظرية فى اختراع شئ يستفيد منه (وهو ما يسميه علماء الغرب بالإلهام الاحيائي) ؟؟!!!!
هذا يعنى ببساطة أن الإنسان ليس لديه قدرة على اختراع شئ من العدم ولا حتى الفكرة ، وأن أصل القصص التى نراها لم تكن خرافات وأساطير ، ولكن حقائق الا أن الانسان حولها الى خرافات و أساطير بعد أن حرفها لأغراضه ، ولذلك كان يخبرنا الله عز وجل فى القرآن الكريم عندما كان يقص علينا قصة ما بــ (إن هذا لهو القصص الحق ) [ آل عمران : 62 ] ، ( نحن نقص عليك نبأهم بالحق ) [ الكهف : 13 ] ، ( ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ] ) [ مريم : 34 ]
أى أنه سبحانه يخبرنا أن القصص التى يقصها علينا فى القرآن الكريم هو الشكل الحقيقي للقصة ، قبل تحريف الناس لها وتحويلها الى أساطير ، فكل أمة أو شعب تقوم بتداولها حسب رؤيتها
فعلى سبيل المثال :-
الإنسان المولود أعمى ، هل يمكن أن يتوصل إلى وجود الشمس والقمر بمفرده وبقدراته العقلية ؟؟!!!
بالنسبة للشمس :- سوف يدرك أن هناك شئ يسبب حرارة فى جسمه ولكنه لن يستطيع إدراك ماهية هذا الشيء
أما بالنسبة للقمر :- فهو لن يستطيع مطلقا الوصول الى وجوده أو أن هناك شئ اسمه قمر الا اذا أخبره أحد بذلك وأدخل فى عقله تلك الفكرة
مما يعنى أن الإنسان يحصل على الفكرة بطريقتين هما :-
أن يعلمه أحد ما هذه الفكرة ويدخلها فى عقلها أو أن يراها الانسان فى الطبيعة أمامه
وهذا يؤكد على عدم قدرة الإنسان على اختراع شئ من العدم ، وأن أصل القصص هى أشياء وقعت أحداثها بالفعل ولكن تحريف الإنسان لها ضيعها وأضاع الحكمة الحقيقية منها ، وأن الانسان لا بد له من معلم ، علمه وأدخل الفكرة فى عقله سواء بتوجيهه برؤيتها فى الطبيعة أو بشكل مباشر عن الطريق تلقين الفكرة
وان شاء الله فى هذا الموضوع سوف أتكلم عن كل ذلك بالتفصيل
كيف تأتى الفكرة الى عقل الانسان ثم يبدلها و يغيرها :-
الإنسان لا يستطيع اختراع شئ من العدم ولا حتى الفكرة ، وهذا يتضمن المخترعات وأيضا القصص
فلابد للإنسان من معلم ، واحتياج الإنسان لمعلم يؤكد على وجود الخالق الذى علم الانسان ما لم يعلم
قال الله تعالى :-(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5))
صدق الله العظيم (سورة العلق)
فالفكرة ليس أصلها من الانسان ولكن الانسان يتدخل فى الفكرة بعد ذلك حسب رغباته وأهوائه فهو من يغير فيها بالزيادة أو النقصان أو المزج بقصص أخرى أو مخترعات أخرى لخدمة رغبته
ولكن فى الأساس بدون وجود من يلهم ويعلم الفكرة لا يستطيع الإنسان أن يفعل شئ ولا أن يخترع أي شئ
1- المخترعات الحديثة التي نراها الآن ، نظريتها وفكرتها الأساسية هي من أشياء موجودة فى الطبيعة
وهو ما يسمى الإلهام الأحيائي Bioinspiration
الذي يستلهمه الإنسان من مخلوقات الله عز وجل ثم يطوعها حسب رغباته واحتياجاته وأهوائه
فعلى سبيل المثال أن اختراع الإنسان للكاميرا كان بعد اكتشافه تشريح العين
أ- وهناك العديد من الأمثلة على محاكاة الإنسان للطبيعة واخذه فكرة مخترعاته من الطبيعة
فمن موسوعة ويكيبيديا
نقرأ لبعض الأمثلة :-
Resilin is a replacement for rubber that has been created by studying the material also found in arthropods.
Morphing aircraft wings" that change shape according to the speed and duration of flight were designed in 2004 by biomimetic scientists from Penn State University. The morphing wings were inspired by different bird species that have differently shaped wings according to the speed at which they fly. In order to change the shape and underlying structure of the aircraft wings, the researchers needed to make the overlying skin also be able to change, which their design does by covering the wings with fish-inspired scales that could slide over each other. In some respects this is a refinement of the swing-wing design.
Some paints and roof tiles have been engineered to be self-cleaning by copying the mechanism from the Nelumbo lotus
وللمزيد فى تلك الروابط :-
http://en.wikipedia.org/wiki/Bionics
"محاكاة الطبيعة" تفتح آفاقاً تقنية جديدة
http://www.alyaum.com/article/3132890
http://t3allmonline.blogspot.com/2014/09/pdf.html
ب- هذا النوع من الإلهام وهو الإلهام الأحيائي سبق وأن أشار إليه القرآن الكريم فى قصة ابني آدم
عندما قتل أحد الأخوين أخاه ولم يعرف ماذا يفعل بجثة أخيه وكيف يتصرف فيها
فأعلمه الله عز وجل كيف يوارى سوءة أخيه وذلك بأن بعث الله عز وجل غراب يبحث فى الأرض أمام الابن القاتل
ولو كان الابن القاتل مكث مائة عام بجانب جثة أخيه ما كان عرف ماذا يفعل إلا بعد أن يعلمه الله عز وجل ذلك
قال الله تعالى :- (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ (29) فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31)) (سورة المائدة)
ومن تفسير المنار لــ محمد رشيد رضا :-
(ذلك بأن الله تعالى بعث غرابا إلى المكان الذي هو فيه فبحث في الأرض ; أي حفر برجليه فيها ، يفتش عن شيء ، والمعهود أن الطير تفعل ذلك لطلب الطعام ، والمتبادر من العبارة أن الغراب أطال البحث في الأرض ; لأنه قال " يبحث " ولم يقل بحث ، والمضارع يفيد الاستمرار ، فلما أطال البحث أحدث حفرة في الأرض ، فلما رأى القاتل الحفرة ، وهو متحير في أمر مواراة سوءة أخيه ، زالت الحيرة ، واهتدى إلى ما يطلب ، وهو دفن أخيه في حفرة من الأرض . هذا هو المتبادر من الآية .وقال أبو مسلم : إن من عادة الغراب دفن الأشياء ، فجاء غراب فدفن شيئا ، فتعلم منه ذلك ، وهذا قريب )
انتهى
(ملحوظة:-
مع العلم أن الغربان معروفة بتخزين واخفاء طعامها عن الآخرين ، فهي تنمي مهاراتها منذ صغرها على كيفية إخفاء الأشياء
فنقرأ من مجلة العلوم ، بعنوان (ما مدى ذكاء الغربان؟) :-
(أن الغربان يتجنب كل منها الآخر في أثناء إخفاء الطعام، فهي تفضل أن تقوم بعمل المخابئ في خصوصية، أو تستخدم الأشجار أو الصخور لسد طريق الرؤية على الآخرين. كما أن أصحاب الخبيئة يحاولون إبعاد اللصوص المحتملين. وقد اكتشفنا أن مهارات التخبئة هذه تنبع من استجابات ذاتية تحرض هؤلاء الرفاق على القيام برد الفعل …..الخ)
كما نقرأ :-
(وهي تقضي معظم أوقاتها مشغولة في تخبئة الطعام لاستخدامه فيما بعد ...الخ)
كما نقرأ من موسوعة ويكيبيديا عن الغراب :-
the ability to hide and store food across seasons
الترجمة :-
القدرة على إخفاء الطعام وتخزينه عبر المواسم
انتهى
راجع هذا الرابط :-
http://en.wikipedia.org/wiki/Corvus_%28genus%29#Intelligence
وفى المعجم :-
بَحَثَ الأرْضَ : حَفَرَها وَطَلَبَ شَيْئاً فِيهَا بَحثَ فِي الأرْضِ المائدة آية 31 فَبَعثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ في الأرْضِ ( قرآن )
بَحَثَ الشيءَ وعنه : طلبه في التراب ونحوه ، وفتش عنه
لذلك ونتيجة لطبيعة الغربان فإنه من الطبيعي جدا أن يبحث الغراب فى الأرض حتى يصل إلى ما كان يخفيه بعيدا عن الأعين
وهذا هو ما تعلمه الأخ القاتل ، فقد تعلم كيف يواري جثة أخيه عن طريق غراب بعثه الله عز وجل أمامه فى نفس المكان والتوقيت و كان يبحث فى الأرض
ج- الرغبة والحاجة ليست كافية لقيام الإنسان أو أي كائن بفعل الشئ فهو بحاجة دائما إلى من يعلمه ويلهمه
من الذى علم الانسان ؟ ، من الذى علم الكائنات ؟
إنه الله عز وجل خالق الكون
والله عز وجل فى القرآن الكريم أخبرنا ذلك عندما أخبرنا بأن الله عز وجل علم آدم الأسماء ، فآدم لا يستطيع أن يتعلم بمفرده
قال الله تعالى :-( وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ
صَادِقِينَ ( 31 ) قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ( 32 ) قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ( 33 )) (سورة البقرة)
قال الله تعالى :- (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37))
(سورة البقرة)
قال الله تعالى :- (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ (79)) (سورة الأنبياء)
قال الله تعالى :- ( وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69)) (سورة النحل)
الله عز وجل يخبرنا أنه لا علم للملائكة ولا لآدم إلا ما علمه لهم الله عز وجل
لأنه لا أحد ندا لله عز وجل
وآدم كانت لديه الرغبة أن يتوب فعلمه الله عز وجل الكلمات التي يقولها
فالإنسان لا يولد عالما بكل شئ من نفسه كما أنه لا يتعلم شئ من العدم ولكنه بحاجة إلى من يعلمه
فالابن القاتل كانت لديه الرغبة والحاجة بأن يتصرف في جثة أخيه ولكن هذا لم يكن كافيا حتى يستطيع أن يوارى سوءة أخيه ، فلقد كان بحاجة إلى من يعلمه كيف يفعل ذلك ، وعندما تعلم ذلك نقل ما تعلمه إلى باقي البشر الذين توارثوا دفن الجثث ، فهم تعلموا ذلك من بعضهم بينما كانت البداية من الغراب .
فيجب أن يكون الاثنان موجودان وهما التعليم مع الرغبة والحاجة حتى يستطيع الإنسان أن يفعل ما يريده
لقد ظل الإنسان آلاف السنين لديه الرغبة والحاجة الى أن يطير فى الهواء ولكنه لم يستطيع أن يصنع الطائرات إلا بعد أن تعلم كيفية صنعها من الإلهام الإحيائي
فعلى سبيل المثال :-
اذا كان أمام الإنسان كتاب وهو يرغب فى قراءته ولكنه لا يعرف القراءة فهو لن يستطيع أبدا أن يقرأه مهما مكث من السنوات لذلك فهو بحاجة إلى التعلم حتى يستطيع أن يقرأ الكتاب
وكذلك الأمر بالنسبة الى جميع الكائنات الحية (ومن ضمنها الغراب الذي علم دفن الجثث ) فرغبة تلك الكائنات واحتياجها لشئ ليس كافيا لفعلها الشئ فهي بحاجة إلى من يعطيها الامكانيات ويعلمها حتى تفعل ما ترغب فيه وتحتاجه
فجميع الكائنات الحية بحاجة إلى الوحي حتى تتعلم وتنقل لبعضها ولصغارها بعد ذلك ما تعلمته من الوحي
فنقرأ من موسوعة ويكيبيديا عن طائر الكاتب :-
(وبعد 60 يوما يبدأ الطائر الصغير في رفرفة جناحيه ليتعلم الطيران بتشجيع من أبويه، ويتبع ذلك تعلمه كيفية ممارسة الصيد، من خلال رحلات صيد برفقة أبويه)
انتهى
راجع هذا الرابط :-
ان من يضع الامكانيات و الغريزة و يوحى لكل الكائنات هو الخالق العظيم رب العالمين الله عز وجل
يعنى على سبيل المثال :-
الكمبيوتر يستطيع أن يقوم بأعقد العمليات الحسابية ويعطيك نتائج مذهلة جدا
وهو مبرمج وأخذ تلك القدرة بصنع الانسان
ولكن هل يستطيع فعل تلك العمليات بدون إدخال المعلومات الأساسية به
أي يفعلها من نفسه ؟؟؟؟
بالتأكيد لا
فيجب أن يقوم الإنسان بإدخال المعلومات به بعد أن برمجه حتى يقوم الكمبيوتر بالعمليات ويخرج النتائج
وتختلف كم وجودة تلك النتائج حسب قدرات الكمبيوتر المستخدم
وكذلك عقل الانسان
هل يستطيع إنسان لم يتعلم القراءة والكتابة أن يقرأ أو يكتب بالرغم من أن لديه قدرة التفكير ؟؟؟؟؟
بالتأكيد لا
فيجب على شخص ما أن يعلم هذا الإنسان القراءة والكتابة حتى يستطيع هذا الإنسان أن يقرأ ويكتب بالرغم من قدرة التفكير التي أعطاها له الله عز وجل
أي أنه يجب ادخال المعلومات فى عقله أولا حتى يستطيع أن يفعل الأشياء ويفهمها ويستطيع أن يربط الأمور والمسميات بعضها ببعض
فلا يستطيع أن يسمى الأسماء بدون أن يتعلم فى الأساس
ولكن الانسان مميز على الكمبيوتر ، لأن الله عز وجل أعطى للإنسان إرادة واختيار وشعور ورغبة وقدرة على التأقلم وعلى التصنيع مما يتعلمه من رب العالمين
وهذه الأشياء وهي الإرادة والرغبة هي من تحدد كيفية استخدامه لما تعلمه
فإما يستخدمه للخير ويفعل إرادة الله عز وجل الشرعية التي أمره بها
واما أن يستخدمها فى الشر ويخالف الإرادة الشرعية فيكون عاصيا لرب العالمين
فيكون الحساب إما الثواب أو العقاب
لذلك نقرأ من إنجيل متى :-
مت 7 :21 ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات بل الذي يفعل ارادة ابي الذي في السماوات
أي أنه باختصار حتى يقوم الإنسان أو أي كائن حي بصناعة شئ ما يجب أن يتوافر لديه ثلاثة أشياء وهي :-
الامكانيات والقدرات العقلية و الجسدية لفعل ذلك الشئ
وهى تختلف من شخص إلى آخر فهذه الامكانيات تختلف فى كم قدرتها من شخص آخر فهناك مستويات مختلفة من الذكاء ومستويات مختلفة من المهارات اليدوية .
الرغبة والحاجة للشئ
وهي أيضا تختلف من شخص الى آخر حسب هواه وثقافته وعمله ، فهناك من يرغب فى إيجاد العلاج للمرضى وهناك من يرغب فى صناعة الأسلحة
وتختلف النوايا وتتداخل الرغبات عند الصناعة والاستخدام فى كلا الحالتين فهناك من يسعى إلى إيجاد العلاج من أجل الربح والتكسب أو الشهرة وهناك من يسعى إلى ذلك من أجل مساعدة الناس فقط ، وهناك من يستخدم الدواء بالجرعات المناسبة للعلاج وهناك من يزيد فى عدد الجرعات فيموت المريض فيصبح العلاج أداة للموت
أما بالنسبة إلى صناعة الأسلحة فهناك من يستخدمها لنصرة الحق ومحاربة الظلم الذى يستعبد الناس ويسفك دماء الأبرياء ويضلل عقولهم فيجعلهم مشركين فيخسروا آخرتهم فهو يستخدمه من أجل صالح البشرية
وهناك من يستخدمها للوقوف مع الباطل
فليس بالضرورة كل من صنع أو إستخدم العلاج يصنعه من أجل علاج البشرية
وليس بالضرورة كل من صنع أو إستخدم سلاح يصنعه أو يستخدمه من أجل الباطل
مع تعلم كيفية فعل هذا الشئ .
فعلى سبيل المثال :-حتى يصنع الانسان الطائرة
فكان يجب أن يمتلك الإمكانيات الجسدية والعقلية من عقل يستقبل وينتبه للأفكار ويد تصنع
وكان يجب أن يمتلك الرغبة فى أن يطير فى الهواء
وكان يجب أن يتعلم كيفية صنع الطائرة
فأما الإمكانيات الجسدية والعقلية فإن رب العالمين أعطاها للإنسان عند مولده
أما الرغبة والحاجة فهو نتيجة لاحتياج الإنسان أن ينتقل أسرع من مكان الى آخر
أما التعلم فهو ما علمه الله عز وجل للبشر من كيفية صنع الطائرات
فظل الإنسان لآلاف السنين لا يستطيع صنع الطائرة إلا بعد أن تعلم كيفية صنعها وكيفية استخدامه للمواد التي يصنعها بها
فهناك الحاجة إلى من يعلمه العلوم ثم بعد ذلك الكيفية
وتعلم كيفية صنع الأشياء له طرق وأساليب مختلفة
د -الوحي له أكثر من طريق :-
فإما أن يكون بالكلام من وراء حجاب مثل ما حدث مع سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام أو عن طريق رسل الله عز وجل من الملائكة التي تنزل على رسله من البشر لتعلمهم ما تعلموه من رب العالمين فعلموه إلى البشر ويتركوا بينهم كتب رب العالمين لتظل بينهم فيتعلموا منها أو عن طريق الرؤيا الحق أو عن طريق الإلهام الفكري أو الالهام الاحيائي وهو ما يسمى بالفراسة والذى يحوله الإنسان حسب رغبته إلى شئ يريده
ومن موقع إسلام ويب (منقول):-
فالفراسة أمر موجود ومعروف، قال تعالى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ {الحجر: 75} ….الخ
أما الفراسة الإيمانية، فيقول ابن القيم في (مدارج السالكين): حقيقتها أنها خاطر يهجم على القلب ينفي ما يضاده.. وسببها: نور يقذفه الله في قلب عبده، يفرق به بين الحق والباطل، والحالي والعاطل، والصادق والكاذب. اهـ.
وذكر ابن القيم النوع الثاني من الفراسة، وهي فراسة الرياضة والجوع والسهر والتخلي، وقال: النفس إذا تجردت عن العوائق صار لها من الفراسة والكشف بحسب تجردها، وهذه فراسة مشتركة بين المؤمن والكافر، ولا تدل على إيمان ولا على ولاية، وكثير من الجهال يغتر بها، وللرهبان فيها وقائع معلومة، وهي فراسة لا تكشف عن حق نافع ولا عن طريق مستقيم. اهـ.)
انتهى
وللمزيد عن الوحي فى هذه الروابط :-
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&lang=A&Id=39071
http://articles.islamweb.net/media/index.php?page=article&id=176997
2- أن الإنسان في مخترعاته يكون مستلهما للفكرة مما يراه بالطبيعة
وحتى وهو يحاول أن يقلد ويحاكي خلق الله عز وجل فهو لا يستطيع أبدا أن يصل إلى نفس القدرات التي وضعها رب العالمين فى مخلوقاته
فالإنسان صنع الطائرة مستلهما فكرة وبعض نظريات الطيران من مخلوقات الله عز وجل التي تطير
ولكن مع ذلك فإن الإنسان اكتشف أن تلك الكائنات أكثر تعقيدا وقدرة من مخترعاته بكثير جدا
وعلى سبيل المثال الذبابة فإن للذبابة قدرات فى أجنحتها وعقلها أكثر من الأشياء التي صنعها الإنسان
وللمزيد اقرأ هذه الروابط :-
تفوق الأجنحة الهشة
https://www.youtube.com/watch?v=kDyNBhHPaC0
http://news.bbc.co.uk/hi/arabic/sci_tech/newsid_7590000/7590311.stm
http://www.emaratalyoum.com/life/four-sides/2014-04-11-1.666206
http://quran-m.com/container2.php?fun=artview&id=947
3- الله عز وجل أوصلنا إلى هذا التقدم العلمي حتى نرى آياته في مخلوقاته
هذه هي الحقيقة فنحن لم نصل إلى هذا التقدم العلمي من أنفسنا فكما أوضحت فى النقاط السابقة أن الإنسان لا يستطيع أن يتعلم شئ بمفرده ولابد له من معلم يوجهه
وهذا الذي نراه حاليا من تقدم علمي مكننا من معرفة واستكشاف قدرات مخلوقات الله عز وجل هو ما أخبرنا به القرآن الكريم
قال الله تعالى :- (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93) )
(سورة النمل)
قال الله تعالى :- (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53) أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاء رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ (54) )
(سورة فصلت)
ومن تفسير ابن كثير :-
(المحتمل أن يكون المراد من ذلك ما الإنسان مركب منه وفيه وعليه من المواد والأخلاط والهيئات العجيبة ، كما هو مبسوط في علم التشريح الدال على حكمة الصانع تبارك وتعالى )
انتهى
كان من الصعب على العقول من 1400 عام أن تصدق أن الإنسان سوف يكتشف البعض من أسرار الآفاق و البعض من أسرار تكوينه الجسدي
ولكن القرآن الكريم أخبرهم بالحق الذي نراه الآن واقع مصدق
مع العلم أن اكتشافات الإنسان لأسرار الكون ونفسه لم تنتهى فهو لايزال يكتشف العجائب والآيات حتى فى أدق وأصغر المخلوقات فأسرارها أكبر بكثير مما يعتقد الإنسان
وفى نفس الوقت فإن الإنسان لن يستطيع أبدا أن يكتشفها كلها فالأمر أكبر منه بكثير جدااااااا
والإنسان قديما لم يكن متاحا له من العلم ما هو متاح لنا الآن لذلك كان يعطي الله عز وجل المعجزات للأنبياء تأييدا لهم حتى يعلم الناس أنه الحق
أما فى عصرنا الحديث وبعد أن أتاح لنا رب العالمين هذا التطور العلمي أصبحنا نستكشف آياته سبحانه وتعالى فنحن نرى المعجزات فى الآفاق وفي أنفسنا
فلكل زمان معجزاته التي يراها البشر حتى يدركوا الحقيقة ، وتختلف نوع المعجزة من زمان الى لآخر حسب طبيعة وظروف البشر فى كل زمان
فمن عاصر سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام رأى العصا تتحول إلى حية
ومن عاصر المسيح عليه الصلاة والسلام رأى شفاء المرضى واحياء الموتى
وفى عصرنا الحديث نرى العديد والعديد من الآيات المذهلة سواء فى الآفاق وفي أنفسنا
ولكن الإنسان يتوهم أنه هو من أتى بكل هذا العلم ويختال بنفسه ويطغى بينما الحقيقة أن الله عز وجل هو من أتاه هذا العلم وهذه المعرفة وان رب العالمين سيحاسبه على عمله
قال الله تعالى :- اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5) كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى (6) أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (8) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) فَلْيَدْعُ نَادِيَه (17) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (18) كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)) (سورة العلق)
(ملحوظة :-
إن مشكلة البشر هو فى كيفية حدوث الشئ لذلك نجد نوع من البشر
يظن أنه عقلاني فلا يصدق المعجزات ولا الغيبيات ويحاول أن يطبق عليها علمه المحدود الذي وصل إليه ، فمشكلته فى ذلك هو جهله بكيفية حدوث المعجزات ، ولكن عدم معرفة الإنسان بكيفية حدوث الشئ لا يعنى أبدا أن هذا الشئ لم يحدث
فمثلا إذا قيل لشخص عاش من ألفين عام أن الإنسان سيركب شئ يطير فى الهواء ويقطع المسافة بين القارات فى ساعات قليلة ، كان سيكون رد هذا الشخص إن هذا أساطير الأولين وسحر
ويعتقد أن برده هذا أنه عقلاني بينما الحقيقة أنه جاهل لأنه يجهل هذا الشيء ويجهل كيفية حدوثه
بينما فى عصرنا الحديث أن ركوب الانسان الطائرات وسفره بين القارات فى ساعات قليلة هو أمر طبيعي وليس سحر ولا أساطير الأولين لأننا أصبحنا نعرف كيفية حدوثه ونظريتها فلقد زال الجهل عن هذا الشئ
والإنسان يجب أن يعلم أنه سيظل طوال عمره يتعلم وأنه مهما بلغ من علم فهو لا يستطيع أن يجمع كل العلوم ولا أن يبلغ نهاية لهذا العلم أبدا لأن الإنسان كائن محدود وهذا يعنى أنه سيظل دائما هناك مالا يعرفه ولا يعرف كيفية حدوثه
لذلك فمن غير المنطقي أن يكذب بما يجهل كيفية حدوثه ويجرى وراء اللا معقول
فالمعقول هو أن لهذه المخلوقات خالق ، وأن احتياج الإنسان والكائنات الحية لمن يعلمها ويلهمها حتى تعيش وتتأقلم وتفعل ما ترغبه (كما تكلمت بالتفصيل فى الفقرة ج-1) يعنى وجود خالق يعلمهم جميعا ، فكما لا يخلق المخلوق نفسه فهو أيضا لا يعلم نفسه ، فلابد من وجود من يعلمه ويلهمه
قال الله تعالى :- (قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (109)) (سورة الكهف)
قال الله تعالى :- (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27)) (سورة لقمان)
ومن تفسير ابن كثير :-
(يقول تعالى : قل يا محمد : لو كان ماء البحر مدادا للقلم الذي تكتب به كلمات ربي وحكمه وآياته الدالة عليه ، ( لنفد البحر ) أي : لفرغ البحر قبل أن يفرغ من كتابة ذلك ، (ولو جئنا بمثله ) أي : بمثل البحر آخر ، ثم آخر ، وهلم جرا ، بحور تمده ويكتب بها ، لما نفدت كلمات الله ، كما قال تعالى : ( ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم ) [ لقمان : 27 ] .
قال الربيع بن أنس : إن مثل علم العباد كلهم في علم الله كقطرة من ماء البحور كلها ، وقد أنزل الله ذلك : ( قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا ).
[ ص: 205 ]
يقول : لو كان البحر مدادا لكلمات الله ، والشجر كله أقلام ، لانكسرت الأقلام وفني ماء البحر ، وبقيت كلمات الله قائمة لا يفنيها شيء ; لأن أحدا لا يستطيع أن يقدر قدره ولا يثني عليه كما ينبغي ، حتى يكون هو الذي يثني على نفسه ، إن ربنا كما يقول وفوق ما نقول ، إن مثل نعيم الدنيا أولها وآخرها في نعيم الآخرة ، كحبة من خردل في خلال الأرض كلها . )
انتهى
4- فالفكرة ليس أصلها من الإنسان ولكنه يأخذها ويضيف عليها أشياء ويحولها إلى شيء يريده ويرغبه أي حسب هواه وهذا الهوى قد يكون نافع أو قد يكون ضار
ومع استلهام الإنسان للأفكار فإن رب العالمين أعطاه فى نفس الوقت الارادة والاختيار
فتدخل رغبة الإنسان واختياره مع ما استلهمه من فكرة فقد يحولها إلى شئ نافع أو إلى شئ ضار
فمن الممكن للشئ الواحد أن يكون له استخدامان وأيضا تتداخل النوايا فى هذان الاستخدامان
فعلى سبيل المثال التفاعل النووي:-
فيمكن استخدامه لإنتاج الطاقة الكهربائية أو إنتاج نظائر مشعة لاستخدامها فى الطب أو فى الصناعة
ويمكن استخدامه عن طريق الأسلحة النووية
فالذي يغير فى الفكرة المستوحاة من الطبيعة هو هوى ورغبة وحاجة الإنسان الذي قد يضيف وقد ينقص عليها
5- والأمر ليس فقط على المخترعات ولكن أيضا على القصص فأصلها واقع حدث بالفعل
فأي قصة تقرأها يكون لها أصل من الواقع وقد حدثت بالفعل ، قد تجد إنسان ينقلها كما هي وقد تجد آخر يضيف أو يزيد عليها حتى أنه بعد فترة من الزمان قد يحولها إلى شئ آخر يكون أصله هو تلك القصة التي وقعت بالفعل
وكما قلت فإن الأمر يكون حسب هوى الإنسان ورغباته وثقافته التي يعيش فيها
على سبيل المثال :-
قصة السيرة الهلالية تحكى فى شرق الوطن العربي بطريقة وتحكى فى مغرب الوطن العربي بطريقة أخرى وفي الجنوب بطريقة ثالثة ومن منظور آخر
وليس معنى اختلاف طرق رواية تلك السيرة أن غزو بني هلال لتونس لم يحدث بل انه قد حدث بالفعل فهو واقع تاريخي ولكن الذي تغير هو الإضافات أو النقص فى الروايات والقصص التي تحكي عن تلك الواقعة والتي تختلف على حسب هوى وثقافة قائلها فالقائل الذى يغير فى القصة يحاول أن يضفي من ثقافته وهواه أو إعجابه بإحدى الشخصيات وكرهه لأخرى فيغير من بعض الأحداث وقد يحاول المزج بين تلك القصة الحقيقية وقصة أخرى من بيئة أخرى وقد تكون تلك القصة الأخرى سيئة وهذا هو ما يريده حتى يجعل القارئ يكره تلك الشخصية فهو يحاكي القصة السيئة فى قصته الحقيقية
فغزو بني هلال قد حدث بالفعل ولم يبتدع أحد تلك القصة من العدم فكما قلت ان لكل قصة عرفها الإنسان أصل قد وقع بالفعل
وكذلك قصص الأنبياء فى الكتاب المقدس للمسيحيين فأصلها حدث قد وقع بالفعل ولكن تم تبديله وتغيره
مثال أخر:-
نجد قصة أوزوريس الطيب وأخيه ست الشرير فى قصص المصريين القدماء وقصص إيميش و اينتين فى القصص السومرية ، هي قصص متشابهة بالرغم من اختلاف الشعوب
ووجود تلك القصة فى ثقافة أكثر من شعب يؤكد على حدوثها بالفعل وأنها كانت واقع عرفه الأجداد المشتركون للبشر
وفى حقيقة تلك القصة إنها قصة ابنى سيدنا أدم عليه الصلاة والسلام عندما قام الابن الشرير بقتل أخيه الطيب
هذه القصة التي وقعت بالفعل ( فكما قلت لكم قبل ذلك أن الإنسان لا يخترع فكرة من العدم فأصل الفكرة هو الواقع الذى حدث أمام الإنسان) و توارثها البشر فكان يعرفها الأجداد المشتركون لكل البشر ولكن بعد تفرق البشر واختلافهم وتحولهم إلى أمم مختلفة ظلت بينهم تلك القصة إلا أنه دخلت الأهواء والرغبات فى القصة الأصلية فقام البعض منهم باتباع أقوال الشيطان فمزجوا تلك القصة (قصة ابني آدم) بقصص أخرى وأضافوا عليها أحداث لم تكن فى القصة الحقيقية وذلك لخدمة عقيدة الكفر التي بثها فيهم الشيطان فاختلفت القصة من شعب إلى آخر وتم نسيان الأصل
و حتى يرحم رب العالمين الناس فكان ارسال نبي يخبرهم بالقصص الحقيقي
لذلك نجد أن رب العالمين وهو يقص علينا نبأ ابني آدم يقول لنا عز وجل :-
(واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق )
فمن تفسير ابن كثير :-
(وقوله : ( بالحق ) أي : على الجلية والأمر الذي لا لبس فيه ولا كذب ، ولا وهم ولا تبديل ، ولا زيادة ولا نقصان ، كما قال تعالى : ( إن هذا لهو القصص الحق ) [ آل عمران : 62 ] وقال تعالى : ( نحن نقص عليك نبأهم بالحق ) [ الكهف : 13 ] وقال تعالى : ( ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ] ) [ مريم : 34 ] )
انتهى
فيخبرنا سبحانه بحقيقية سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام ، الذى تداولوا حوله قصص وروايات ما أنزل الله عز وجل بها من سلطان ، فاليهود يقولون عنه أنه ساحر و ..الخ ، أما المسيحيين فيقولون عنه أنه اله ، ولكن الله عز وجل يصحح للبشر ما تم تحريفه
وكما حرف الإنسان في القصص ، حرف أيضا في الدين الذي ارتضاه رب العالمين للبشر
لأنه كان دين واحد وهو الإسلام
تعليقات
إرسال تعليق