الأسباب التي تؤكد على أن الشكل الحالي للأسفار الخمسة الأولى ليس هو نفسه الشكل
الذي كان عليه الكتاب الأصلي قبل عام 300 ق.م
المقدمة :-
يعتقد البعض وهم المسيحيين واليهود أن كتابهم كتاب مقدس لم يتغير ولم يتبدل يعني لم يصيبه التحريف
ويعتقد البعض وهم الملحدين أن ما ورد في هذا الكتاب هو أساطير تطورت من قصص خرافية أخرى كانت لدى الأمم الوثنية ، فعلى سبيل المثال يعتقدون أن الجنة والنار في العهد الجديد هو تطور لم يكن موجود عند اليهود قبل ذلك لأنه غير موجود في أسفار العهد القديم ولكنها ظنون وأوهام و تجاهل للحقائق التاريخية التي تخبرنا أنه لا يجب علينا اقامة فكرة صحيحة بناء على هذه الأسفار
فالانسان لا يخترع شئ من العدم ولكل قصة نقرأها أصل حقيقي وواقع ولكن مع مرور الزمان كان يتم تحريفها طبقا لأهواء البشر ، فحتى القصص المحرفة لها أصل واقعى
للمزيد راجع :-
الانسان لا يخترع فكرة أو شئ من العدم
فنحن المسلمين نثق في حقيقة أن هذا الكتاب محرف تم مزج به الحق مع الباطل ، فيوم القيامة والجنة والنار حق والملائكة والشيطان حق ، ولكن تم حذفهم بسبب التحريف ، فهناك فئة من بني اسرائيل اعتنقت أفكار وثنية أنكرت أي شئ غير مرئى والغيبيات وبسبب معتقداتها قامت بتحريف الكتاب ، فبعث الله عز وجل الأنبياء ليذكروا الناس بالحق الذي ضاع منهم بسبب هذا التحريف ، فالأنبياء يبعثهم الله عز وجل للتذكير وليس بالجديد
1- أقدم مخطوطات العهد القديم تعود إلى الفترة الهلينستية حيث أن تاريخ أقدمها هو عام 100 ق.م حيث نشر اليونانيين أفكارهم الوثنية وانقسم بني إسرائيل إلى طوائف وظهرت التعددية النصية للكتاب المقدس وسيطر الصدوقيين على الهيكل
إن أقدم مخطوطات الكتاب المقدس سواء العبرية أو اليونانية تعود إلى زمان الصدوقيين وأتباع اليونانيين
وحتى المخطوطة الأقدم وهي Silver Scrolls تعود إلى عام 650 أو 700 ق.م قبل السبي البابلي فهي عبارة عن قصاصتين صغيرتين جدا ويوجد بها بعض وصايا قليلة ولا يمكن الاستدلال منها على صحة نسخ الكتاب المقدس الحالي ومدى مطابقته للتوراة التي كانت قبل الفترة الهلينستية
للمزيد راجع :-
تاريخ أقدم مخطوطات العهد القديم ترجع إلى الفترة الهلنستية
وهي الفترة التي نشر فيها اليونانيين فلسفاتهم ومعتقداتهم الوثنية بين بني إسرائيل وحرق كتب الأنبياء التي تخالف معتقداتهم (مكابيين الأول 1: 59) ، فالاسكندر الأكبر أخرج اليونانيين للعالم في عام 334 ق.م ، وكان من ضمن البلاد التي وقعت تحت سلطانهم فلسطين ، فكانت في البداية تحت حكم البطالمة ثم أصبحت تحت حكم السلوقيين اليونانيين ، فحاول المحتلين نشر ثقافتهم وأفكارهم بين بني إسرائيل ، الأمر الذى نتج عنه انقسام بني إسرائيل إلى طوائف مختلفة بعضهم تشبه باليونانيين وقام بمزج معتقدات اليونانيين الوثنية مع ما ورثوه من أنبيائهم وهم اليهود المتأغرقين الذين نقرأ عنهم في سفرا المكابيين الأول ، (مكابيين الأول 1: 12 إلى 1: 16 ،، 3: 48 ) والذين جاء منهم طائفة الصدوقيين، حيث عرف عنهم بأنهم محرفين و أنهم أرادوا تغيير الفهم اليهودي للتوراة إلى الفهم اليوناني بالإضافة إلى أنهم في أغلب الفترات و قبل تدمير الهيكل كان لهم سلطة أعلى من الفريسيين ، وطوائف أخرى كانت متمسكة بتعاليم أجدادها وكان من أشهرهم الفريسيين وكان هذا قبل فسادهم هم أيضا وتوافقهم بعد ذلك مع الصدوقيين
للمزيد راجع :-
2- و بناء عليه فنحن لا نعرف كيف كان شكل أسفار العهد القديم قبل عام 300 ق.م قبل أن يجتاح اليونانيين فلسطين و ينشروا بين بني إسرائيل أفكارهم الوثنية المادية
فمخطوطات جميع هذه الأسفار سواء كانت الأسفار الخمسة الأولى أو الأسفار التاريخية وأسفار الأنبياء، جاءت من فترة زمنية واحدة ، فأقدمها هي مخطوطات البحر الميت والتي ترجع إلى عام 100 ق.م ، يعني لا نستطيع أن نقول أن الشكل الحالي للأسفار الخمسة الأولى أقدم من الشكل الحالي لسفر أيوب وباقي الأسفار
لذلك ما يزعمه البعض من أن تاريخ الأسفار الخمسة الأولى (كما نراها بشكلها الحالي) هي أقدم من تاريخ سفر أيوب أو سفر زكريا وغيره ، لا دليل مادى عليه
فالحقيقة أن كل تلك الأسفار بالشكل الذي نراه حاليا تم كتابته في الفترة الهلينستية بعد أن أحرق اليونانيين الكتب الدينية لليهود ونشروا أفكارهم وفلسفاتهم ، مما مهد الطريق أمام الصدوقيين وغيرهم من الطوائف لتحريف الكتاب لإثبات صحة معتقداتهم ، فلم يكن من الصعب على هؤلاء اخفاء و حذف النصوص التي تتعارض مع أفكارهم المنحرفة ودمج نصوص آخرى بالقصص تتفق مع أفكارهم (يعني يغيروا الأفكار) ، مع محاولة تقليد اللغة و اللهجة ، ليظن الناس أنها هي الكتاب المقدس و بنفس أفكاره ومعتقداته الموجودة سابقا على عكس الحقيقة
وهذه الفترة التى حدث فيها التحريف هي الفترة الهلينستية التى تحدث عنها سفرا المكابيين الأول والثاني
فنقرأ من سفر المكابيين الأول :-
1: 11 و خرجت منهم جرثومة اثيمة هي انطيوكس الشهير ابن انطيوكس الملك وكان رهينة في رومية وملك في السنة المئة والسابعة والثلاثين من دولة اليونان
1: 12 و في تلك الايام خرج من اسرائيل ابناء منافقون فاغروا كثيرين قائلين هلم نعقد عهدا مع الامم حولنا فانا منذ انفصلنا عنهم لحقتنا شرور كثيرة
1: 13 فحسن الكلام في عيونهم
1: 14 و بادر نفر من الشعب وذهبوا الى الملك فاطلق لهم ان يصنعوا بحسب احكام الامم
1: 15 فابتنوا مدرسة في اورشليم على حسب سنن الامم
1: 16 و عملوا لهم غلفا وارتدوا عن العهد المقدس ومازجوا الامم وباعوا انفسهم لصنيع الشر
والأكيد أن الأسفار الحقيقية كانت مختلفة عن الشكل الحالي ، بدليل أنه حتى المخطوطات الحالية بينها اختلافات ، فمخطوطات السامريين تختلف عن مخطوطات اليهود حسب مصالح كل طائفة ، و أيضا اكتشف العلماء من خلال مخطوطات قمران أن اليهود لم يكن لهم كتاب مقدس موحد في الفترة الهلينستية
بالإضافة إلى ما عرف عن الصدوقيين وعن اليهود الهلنستيين بشكل عام من تحريفهم للكتاب
للمزيد راجع :-
أهواء طوائف اليهود في الفترة الهلنستية هو ما شكل مخطوطات العهد القديم
فما بالكم بالوضع قبل نشر اليونانيين أفكارهم الوثنية ، ولذلك لا يمكن اعتبار أن هناك قصة زائفة لمجرد عدم وجودها في ذلك الكتاب بشكله الحالي ، فقد تكون تلك القصة أو الفكرة تتعارض مع فكرة أو معتقد كان لأحد الطوائف ذات سلطان في تلك الفترة فقامت بحذفها
فالصدوقيين اعتنقوا الفلسفة الأبيقورية اليونانية ولذلك أنكروا القيامة والثواب والعقاب في الآخرة وفى نفس الوقت أرادوا اقناع بني إسرائيل بتلك الأفكار ونشرها بينهم
وكان لهم السلطة على الهيكل لذلك أعادوا كتابة الأسفار الخمسة الأولى وحذفوا منه ما يتعارض مع أفكارهم ثم قدموها إلى بني إسرائيل وقالوا لهم هذا هو كتابكم المقدس
3- فلم يكن كاتب الأسفار الخمسة الأولى بشكلها الحالي هو سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام
ولكنهم أشخاص جاءوا بعده بزمان طويل وزعموا أنهم ورثة سيدنا موسى وأن لديهم ما تركه بينما في حقيقتهم كانوا خائنين للأمانة و لذلك بعث الله عز وجل بنى إسرائيل سيدنا زكريا وسيدنا يحيى والمسيح عليهم صلوات الله وسلامه
والدليل على ذلك :-
أ- نقرأ من سفر التثنية :-
34 :7 و كان موسى ابن مئة و عشرين سنة حين مات و لم تكل عينه و لا ذهبت نضارته
34 :8 فبكى بنو اسرائيل موسى في عربات مواب ثلاثين يوما فكملت ايام بكاء مناحة موسى
34 :9 و يشوع بن نون كان قد امتلا روح حكمة اذ وضع موسى عليه يديه فسمع له بنو اسرائيل و عملوا كما اوصى الرب موسى
34 :10 و لم يقم بعد نبي في اسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجها لوجه
وكذلك نقرأ من سفر التثنية :-
29 :26 و ذهبوا و عبدوا الهة أخرى و سجدوا لها الهة لم يعرفوها و لا قسمت لهم
29 :27 فاشتعل غضب الرب على تلك الأرض حتى جلب عليها كل اللعنات المكتوبة في هذا السفر
29 :28 و استاصلهم الرب من ارضهم بغضب و سخط و غيظ عظيم و القاهم إلى ارض أخرى كما في هذا اليوم
المقصود من هذا النص هم بني إسرائيل ، فيوضح النص أنه نتيجة ترك بني إسرائيل عهدهم مع الرب فإن غضب الرب سيشتعل عليهم لأنهم ذهبوا وعبدوا آلهة أخرى لم تقسم لهم و لهذا فإن الرب سوف يستأصلهم من أرضهم بغضب وسخط إلى أرض أخرى (كما في هذا اليوم)
جملة (كما في هذا اليوم) تعني أن الكاتب عاصر فترة أخطأ فيها بني إسرائيل وعاقبهم الله عز وجل على ذلك عقاب شديد حيث استأصلهم من الأرض وشتتهم.
للمزيد راجع :-
و استأصلهم الرب من ارضهم بغضب.. كما في هذا اليوم
ب- وكذلك ما نقرأه من سفر إرميا الذي ينفى وجود الذبائح والمحرقات في الكتاب الأصلي الذي تركه سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام بعكس ما نراه حاليا في الأسفار الخمسة الأولى :-
فنقرأ من سفر إرميا :-
7 :21 هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل ضموا محرقاتكم الى ذبائحكم و كلوا لحما
7 :22 ((لاني لم اكلم اباءكم و لا اوصيتهم يوم اخرجتهم من ارض مصر من جهة محرقة و ذبيحة))
7 :23 بل انما اوصيتهم بهذا الامر قائلا اسمعوا صوتي فاكون لكم الها و انتم تكونون لي شعبا و سيروا في كل الطريق الذي اوصيكم به ليحسن اليكم
هذا نص واضح جدا أنه لم يكن هناك وصية بشأن تلك الكفارات من الذبائح والمحرقات
ولكنها كانت نصوص محرفة وضعها الكهنة الصدوقيين وأوهموا الناس أنها وصايا الله عز وجل
فكانت بالنسبة لهم مثل صكوك الغفران بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية في أوروبا في القرون الوسطى
ثم جاء أصحاب عقيدة الصلب والفداء ليبنوا معتقدهم على هذه الأكاذيب
وما يثبت ذلك أيضا هو أن بني إسرائيل كانوا في فترة التيه جائعين لدرجة أن الله عز وجل أنزل عليهم المن والسلوى ، فمن أين لهم بالذبائح والمحرقات التي زعم محرف الأسفار الخمسة الأولى أنهم كانوا يذبحونها في فترة التيه
وعلى العموم فإن تلك الأسفار الخمسة الأولى قد تم إعادة كتابتها وفقا لرؤية معينة بالفعل وليس كما يزعم علماء المسيحية بدليل :-
ما نقرأه من سفر المكابيين الأول :-
1: 57 و في اليوم الخامس عشر من كسلو في السنة المئة والخامسة والاربعين بنوا رجاسة الخراب على المذبح وبنوا مذابح في مدن يهوذا من كل ناحية
1: 58 و كانوا يقترون على ابواب البيوت وفي الساحات
1: 59 و ما وجدوه من اسفار الشريعة مزقوه واحرقوه بالنار
1: 60 و كل من وجد عنده سفر من العهد او اتبع الشريعة فانه مقتول بامر الملك
1: 61 هكذا كانوا يفعلون بسطوتهم في اسرائيل بالذين يصادفونهم في المدن شهرا فشهرا
وبالفعل فإن هناك كتب ضاعت من بني إسرائيل بدليل ما نقرأه أيضا من سفر المكابيين الثاني
فنقرأ من سفر المكابيين الثاني :-
2: 14 و كذلك جمع يهوذا كل ما فقد منا في الحرب التي حدثت لنا وهو عندنا
ولكن هل حقا استطاع يهوذا أن يجمع الكتب التي ضاعت منهم أثناء الحرب ؟؟!!!!
وكيف جمعها ؟؟!!!!!
وإذا كان حقا قد جمعها لماذا كان هناك تعددية نصية للكتاب المقدس في الفترة الهلينستية ؟؟؟!!!!!
ولماذا اختار يوحنا هركانوس مفاهيم الصدوقيين ليكرسها بين بني إسرائيل ؟؟!!!!!
من الواضح جدا أنه كان هناك نفوس ضعيفة استغلت حرق الكتب الدينية لبنى إسرائيل في تلك الفترة وقامت بتحريف الكتاب الحقيقي وإعادة تشكيله حسب هوى كل طائفة ، فبعد أن كان كتاب يركز على العبر والعظات والأحكام التي تصلح للإنسان تحول إلى كتاب تأريخ يتم صياغته حسب أهواء الطوائف ، فكانت كل طائفة أن تعيد كتابته وفقا لرؤيتها تحذف ما يتعارض مع أفكارها وتضيف نصوص تؤيد فكرتها
ولكن مع حكم يوحنا هركانوس و الاسكندر جنايوس تم تكريس ما كتبه الصدوقيين واليهود الهلنستيين وفقا لرؤيتهم و رغباتهم بدمج المعتقدات اليهودية مع اليونانية و تم واضطهاد الفريسيين وأفكارهم وكتبهم
للمزيد من الأدلة راجع :-
من كاتب الأسفار الخمسة الأولى
و الدليل على ذلك ما يخبرنا به الواقع فهناك أسفار كثيرة مشار إليها في الكتاب المقدس لا وجود لها حاليا مثل كتاب حروب الرب الذي نقرأ عنه فى سفر العدد :-
21 :14 لذلك يقال في ((كتاب حروب الرب)) واهب في سوفة و اودية ارنون
وطالما يشير النص إلى أسفار معينة لمعرفة المزيد من الأخبار عن أنبياء بني إسرائيل
فهذا يعنى أن هذه الأسفار مهمة ومقدسة ، وليس كما يزعم المسيحيون أنها غير مهمة
فإذا كانت غير مهمة ما كان أشار إليها أصلا
فنقرأ من سفر الملوك الأول :-
11 :41 و بقية امور سليمان و كل ما صنع و حكمته اما هي مكتوبة في سفر امور سليمان
الكاتب يشير إلى أمور سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام وعن أعماله وحكمته و يريد من القارئ الرجوع إلى (سفر أمور سليمان)
فهذا يعنى أن هذا السفر مهم و مقدس ، فإذا أردت أن تتعرف على حكمة سيدنا سليمان ارجع الى هذا السفر
ولكن أين هذا السفر المهم ؟؟!!!!!!!!
لا يوجد لأنه ضائع
4- وهناك عدة أدلة على أن العهد القديم بشكله الحالي يختلف عن شكله الأصلي قبل نشر اليونانيين ثقافتهم
أ- احتواء أسفار العهد القديم على العديد من الفلسفات والأفكار والأخلاق اليونانية :-
و التي بالتأكيد لم تكن موجودة بين بني إسرائيل قبل ذلك
مثل قيام كاتب سفر صموئيل الثاني بوصف الملابس الملونة لبنات الملوك ومنهم ثامار بنت الملك داود (صموئيل الثاني 13: 18 - 19) ، في حين أن بني إسرائيل في زمان سيدنا داود عليه الصلاة السلام كانت أمة بدوية خارجة من حرب مع الفلسطينيين ، فمن أين يأتون بهذه التقنية والتكلفة العالية جدا والغريبة على مجتمعهم في ذلك العصر ، لقد كان اليونانيين والرومان هم من يفعلون ذلك
وكذلك ما ورد في سفر الملوك الأول (ملوك الأول 1: 1 إلى 1: 4) عن أن سيدنا داود عليه الصلاة والسلام كبر فى السن فأشار عليه مستشاروه بأن يحضروا له فتاة عذراء لتدفئته
إلا أن هذه العادة كانت يونانية عرفها بني إسرائيل من خلال اليونانيين عندما أحتلوهم وليس في زمان سيدنا داود عليه الصلاة والسلام
فنقرأ من تفسير القمص تادرس يعقوب :-
(أما عن تفكيرهم في اختيار فتاة عذراء تقف أمام الملك وتكون حاضنة له، فيقول يوسيفوس المؤرخ اليهودي[10] بأن هذا الأمر كان مستخدمًا كعلاج طبِّي للشيوخ، وهو أن تنام بجوار الشيخ ممرِّضة دون الارتباط به كزوجة، وأن هذا كان معروفًا كدواء يوناني مصرَّح به بواسطة جالين Galen.)
انتهى
و كذلك فإن تمزيق الثياب واللطم والضرب على الصدور عادة اليونانيين القدماء ، فالرضا بقضاء الله كان هو الأساس عند أنبياء الله عز وجل ، فنعم يبكى الإنسان حزنا ولكنه لا يمزق ثيابه ولا يتكلم بما يليق على قضاء رب العالمين ، إلا أنه مع احتلال اليونانيين ونشر ثقافتهم بدأت تظهر نصوص تزعم أن أنبياء الله عز وجل كانوا يمزقون ثيابهم من الحزن مثل سيدنا يعقوب (تكوين 37: 34 - 35) وكذلك يشوع بن نون يجزع ويمزق ثيابه ويضع التراب على رأسه ويوجه كلام الى رب العالمين لا يليق (يشوع 7: 6 -7) ، وسيدنا داود الذي يمزق ثيابه ويندب (صموئيل الثاني 1: 11 - 12 ،، 3: 31) ، بالرغم من أننا نجد نصوص أخرى من أسفار أخرى تؤكد على القضاء برضا الله وأن الإنسان يمزق قلبه وليس ثيابه (يهوديت 8: 26 - 27) ، (يشوع بن سيراخ 2: 4 ) ، (يوئيل 2: 13) ، الأمر الذي يوضح مدى الخلاف الفكري الذي كان منتشر بين طوائف بني إسرائيل في الفترة الهلينستية بسبب نشر ثقافة اليونانيين المتعارضة مع بني إسرائيل فقد كان اليونانيين و الوثنيين هم من يمزقون ثيابهم و شعورهن ويضربن على صدورهم ، وغيرها من الأخلاقيات اليونانية المخالفة لتعاليم الأنبياء و التي نجدها في تلك الأسفار ، وكذلك ارتداء السوار على الذراع للمحاربين فهو عادة اليونانيين والرومان فيزعم كاتب سفر صموئيل الثاني بأن شاول كان على ذراعه سوار أثناء المعركة (صموئيل الثاني 1: 10) بينما كان هذا سمة المحاربين في أوروبا وليس في الشرق الأوسط
للمزيد راجع :-
المبحث الخامس : تأثر اليهود بالثقافة الأخلاقية والاجتماعية لليونانيين والرومان جعلهم يضعون قصص كاذبة على أنبياء الله عز وجل
ب- احتواء الأسفار الخمسة الأولى على أفكار عارضها الفريسيين في بدايتهم (قبل فسادهم وتوافقهم مع الصدوقيين) وكانت سببا في اضطهادهم وقتلهم وذلك عندما كانوا متمسكين بدينهم قبل فسادهم :-
الفريسيين قبل فسادهم و توافقهم مع الصدوقيين كانت لديهم أفكار اختلفوا فيها مع الصدوقيين ورفضوها بشدة مما أدى إلى اضطهادهم ، مما يعني استحالة إيمانهم بتلك الأفكار الموجودة بالأسفار الخمسة الأولى في الفترة التي سبقت فسادهم
فعلى سبيل المثال فإن الفريسيين عارضوا جمع شخص بين الملك والكهنوت وكان هذا أحد أسباب اضطهادهم ومع ذلك نرى في سفر التكوين شخصية ملكي صادق الذي جمع بين الملك والكهنوت ودفع له سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام العشور وذلك لتكريس فكرة صحة جمع شخص بين المنصبين
وكذلك فإن الفريسيين رفضوا تجسيم الإله وهذا يعني استحالة قبولهم لفكرة أن الإله يأكل الطعام الموجودة في الاصحاح 18 من سفر التكوين (تكوين 18: 1 -8) ، خاصة عندما نجد في أسفار أخرى لم يعتمدها الصدوقيين ، أن الملائكة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تأكل الطعام (القضاة 13: 15 - 16) ، (طوبيا 12: 15 - 19) ، وحتى في إنجيل لوقا بالعهد الجديد سنجد نص نفهم منه أن الأرواح لا تأكل (لوقا 24: 38 - 43) حيث نجد أن المسيح حتى يثبت للتلاميذ أنه ليس روح بل أنه بجسده فقام بالأكل أمامهم ، وهذا يعني أن الأرواح لا تأكل
فالحقيقة أن الخلاف بين الفريسيين والصدوقيين لم يكن خلاف على فهم نصوص
لأن الخلاف على فهم وتفسير النصوص لا يمكن أن يصل إلى حد أساسيات أي عقيدة مثل هل هناك حياة بعد الموت أم لا ، حيث لا نجد في الأسفار الخمسة الأولى تحديدا والتي اعتمدها الصدوقيين أي إشارة للحياة بعد الموت
لقد كان الخلاف بينهم هو خلاف على النصوص نفسها ومدى صحتها بدليل أنه لم يكن هناك كتاب مقدس موحد بين طوائف بني إسرائيل في الفترة الهلينستية
للمزيد راجع :-
طائفة الفريسيين وتوافقهم مع الصدوقيين
ج- ما يؤكده علماء اليهود أنفسهم في عصرنا الحالي بعد اكتشافهم أنه لم يكن هناك كتاب مقدس موحد لبنى إسرائيل في الفترة الهلينستية وأنه كان لكل طائفة كتابها أي كان هناك تعددية للنص :-
للمزيد راجع :-
أهواء طوائف اليهود في الفترة الهلنستية هو ما شكل مخطوطات العهد القديم
لقد تكرر ما كان يحدث سابقا وكان بسببه يرسل الله عز وجل الأنبياء لايضاح الحقيقة للناس
ولذلك نقرأ من سفر إرميا :-
23 :36 اما وحي الرب فلا تذكروه بعد ((لان كلمة كل انسان تكون وحيه اذ قد حرفتم كلام الاله الحي رب الجنود الهنا))
هذا بالضبط ما فعله الصدوقيين ، لقد أنسوا بنى اسرائيل الوحي الحقيقي وأصبحت كلمتهم هم هي وحيهم بعد أن حرفوا كلام الله عز وجل و ذلك بمساعدة بعض الحكام الحشمونيين أمثال يوحنا هركانوس والاسكندر جانيوس
و سبق وأن أوضحت ما قالته الموسوعة اليهودية عن اعتقاد جيجر أن أسفار العهد القديم (التناخ) تم كتابته بمعرفة الصدوقيين
للمزيد راجع :-
د- إقرار علماء اليهود بنقص التوراة المكتوبة :-
وهذا يعني أن هناك من كان يتلاعب بالنصوص ويحذف منها ما يتعارض مع أفكاره
فعلى سبيل المثال في قصة ابني آدم في سفر التكوين نجد أن الابن القاتل قال قد قال لشئ لأخيه ومن الواضح أن هناك حديث قد دار بينهم إلا أننا لا نجد ما قاله ولا هذا الحديث (تكوين 4: 8)
وفى بعض المخطوطات قام بعض النساخ بإضافة عبارة من أنفسهم وهي (لنذهب الى الحقل) ، وهذه العبارة لا نجدها في مخطوطات أخرى
مما يعني أن هناك خلاف عن ما قاله الابن القاتل لأخيه ولا يعرف أحد بالتحديد ماذا قال له
ولذلك سيكون السؤال هو :-
لماذا لا نجد هذا الحوار ولماذا هذا الاختلاف في المخطوطات
والسبب ببساطة شديدة يرجع إلى أن الحوار الحقيقي كان يتضمن أفكار عارضها ورفضها الصدوقيين لذلك حذفوها وأنسوا بني إسرائيل ماذا دار بين الأخوين من حديث
للمزيد راجع :-
التوراة الأصلية ضاعت باقرار علماء اليهود
5- أما قانونية تلك الأسفار فصنعها علماء اليهود الماسوراتيين
في القرون الوسطى و الذي تبين أن أغلبهم من اليهود القرائين و الذين عرف عنهم اعتناقهم لبعض الأفكار التي اعتنقها الصدوقيين (طائفة من بني إسرائيل ظهرت في الفترة الهلينستية) لدرجة أعتقد معها بعض العلماء أنهم امتداد للصدوقيين
للمزيد راجع :-
قانونية العهد القديم تحددت طبقا لهوى القرائين
6- قبول علماء المسيحية بهذه القانونية لتلك الأسفار بالرغم من أن بعضها يعرض أفكار تتعارض مع أفكارهم خاصة عن القيامة ، لأن تلك الأسفار كانت تضم أيضا أفكار تخدم كهنوتهم وسلطتهم الروحية على الناس
و كذلك عقيدة سفك الدماء لغفران الخطايا ، ولذلك قاموا بحل إشكالية الأفكار التي تتعارض مع أفكارهم بعدة طرق منها قيامهم بتغيير تفسير تلك النصوص لتطويعها فيتوهم الناس أنها تتوافق مع عقيدتهم ، و كذلك استعاضوا عن الأفكار الغير موجودة بها بأسفار أخرى وبالعهد الجديد الذي يضم تلك الأفكار
وان شاء الله في المبحث السادس عندما أعرض كيف حرف الصدوقيين الأسفار الخمسة الأولى سوف أوضح ذلك بالتفصيل
تعليقات
إرسال تعليق