لماذا يختبر الله عز وجل البشر وهو يعلم أنهم ورثوا الخطيئة
المقدمة :-
طبقا للفكر المسيحي ، فإن البشر ورثوا طبيعة الخطيئة بعد أن أكل آدم وحواء من الشجرة
لذلك فإن من المفترض أنه لا فائدة من البشر ، فقد فسدت طبيعتهم
ولكن الغريب و الذي يناقض هذا الفكر أننا نجد نصوص بها أن الرب يجرب (أي يمتحن) البشر ليختبرهم ، ومن نجح منهم فهم أمناء
فإذا كان البشر فسدت طبيعتهم فلماذا يختبرهم (يمتحنهم الله عز وجل) فالنتيجة معروفة مسبقا وهي أنهم أشرار أو فاسدون ، وطبيعتهم فاسدة
الله عز وجل يختبر البشر يعني أنه لا خطيئة موروثة وأن الإنسان به الخير والشر ، فهناك من يغلب الخير على أهواء نفسه وشهواته ، وهناك من يجرى وراء شهواته فيكون فاسد
فطبيعة البشر لم تفسد وإنما البشر مخلوقون في الأصل بشهواتهم ، هذه الشهوات ان لم يتحكم فيها الإنسان فإنه سيكون فاسد ، ولكن لو تحكم فيها فقد فاز ونجح ، ولا علاقة لآكل سيدنا آدم من الشجرة عليه الصلاة والسلام بأخطائنا
أولا : الشهوات موجودة في آدم وحواء من قبل الأكل من الشجرة طبقا لكتاب التكوين :-
الإنسان مخلوق بالشهوة من قبل الأكل من الشجرة :-
شهوة الأكل :-
نقرأ من سفر التكوين :-
2 :16 و اوصى الرب الاله ادم قائلا من جميع شجر الجنة تاكل اكلا
كما نقرأ :-
3 :6 فرات المراة ان الشجرة جيدة للاكل و انها بهجة للعيون و ان الشجرة شهية للنظر فاخذت من ثمرها و اكلت و اعطت رجلها أيضا معها فاكل
يعنى آدم وحواء مخلوقين بشهوة الأكل
وكذلك ورد على لسان المسيح من إنجيل لوقا فنقرأ :-
22 :15 و قال لهم شهوة اشتهيت ان اكل هذا الفصح معكم قبل ان اتالم
شهوة حب النساء :-
نقرأ من سفر التكوين :-
2 :22 و بنى الرب الاله الضلع التي اخذها من ادم امراة و احضرها إلى ادم
2 :23 فقال ادم هذه الآن عظم من عظامي و لحم من لحمي هذه تدعى امراة لانها من امرء اخذت
2 :24 لذلك يترك الرجل اباه و امه و يلتصق بامراته و يكونان جسدا واحدا
يعنى الرب خلق لآدم أنثاه ، مما يعنى أن أجهزتهم التناسلية كانت موجودة منذ البدء ، أي أن الشهوة موجودة
شهوة الطمع و أن تكون الأفضل :-
نقرأ من سفر التكوين :-
3 :4 فقالت الحية للمراة لن تموتا
3 :5 بل الله عالم انه يوم تاكلان منه تنفتح اعينكما و تكونان كالله عارفين الخير و الشر
3 :6 فرات المراة ان الشجرة جيدة للاكل و انها بهجة للعيون و ان الشجرة شهية للنظر فاخذت من ثمرها و اكلت و اعطت رجلها أيضا معها فاكل
حواء أكلت من شجرة معرفة الخير والشر لأن الحية أخبرتها أنها ستكون مثل الإله (ت* كوين 3:5) ، أنها طمعت أن تكون مثل الإله ، أنها تريد أن تكون فى وضع أفضل بأى طريقة
يعنى طبقا لسفر التكوين فإن الشهوة موجودة منذ البداية ولذلك أكلت حواء من الشجرة بدافع الشهوة ، ولكن ولأن حواء لا تعرف التمييز بين الخير والشر فلا خطيئة بالنسبة لها
وشجرة معرفة الخير والشر هى ما جعلت آدم يميز ويفهم ما هو الخير وما هو الشر فى أفعاله لذلك بعد أن أكل من الشجرة أدرك أنه عريان فأدرك أن هذا شر فحاول أن يستتر ، وحالة العرى شر طبقا لسفر حزقيال
فنقرأ من سفر حزقيال :-
16 :36 هكذا قال السيد الرب من اجل انه قد انفق نحاسك و انكشفت عورتك بزناك بمحبيك و بكل اصنام رجاساتك و لدماء بنيك الذين بذلتهم لها
يعني طبقا لقصة آدم من سفر التكوين فإنه بدون الأكل من هذه الشجرة وفى نفس الوقت الشهوة موجودة ، فهذا يعنى أن آدم سيكون مثل الحيوانات بداخلها الشهوة ولا تميز أفعالها ولا تعرف متى تكون هذه الشهوة خير ومتى تكون شر
فالزواج خير ، بينما الزنا شر
الطعام الحلال الخاص بك خير ، بينما سرقة طعام الآخر شر
تتعب وتجتهد لتكون الأفضل هو خير ، تتسلق وتنافق لتتخطى غيرك هو شر ، والقناعة كنز لا يفنى
فطالما الشهوة موجودة في الإنسان فإن الإنسان سوف يرتكب الشر سواء كان لديه معرفة مسبقة به أم لا ، فعندما يجوع ، وهو لا يعرف أن السرقة شر ، فإن هذا الجوع سوف يدفعه إلى الأكل من طعام حديقة جاره بدون أذنه (أي سرقة) ولكنه لن يقع تحت طائلة العقاب لأنه لا يدرك
فالشر يمكن أن يقع بدون معرفة أنه شر فى الأصل مثل ما يفعله الحيوانات أو المعاقين الذهنيين أو المجانيين
ولكن معرفة والتمييز بين الخير والشر هو ما يجعل الإنسان يمتنع عن فعل الشر في أحيان كثيرة جدا
لأن الإنسان يعلم أن السرقة سوف تؤذى شخص آخر فلن يسرق ، وهناك بشر كثيرين هكذا ، وفى حالة عدم ادراكهم سوف يسرقون
إذا الإدراك فى حد ذاته والفهم هو خير وليس شر ، ولذلك عندما أكل آدم من الشجرة وأدرك حاول أن يستتر ، يعني حاول أن يفعل الخير طبقا لــ (حزقيال 16: 8)
فالشهوة يجب أن تكون معها إفهام الكائن ما هو الخير والشر ، والا سيقوم الإنسان بارتكاب الشر بدافع الشهوة وهو لا يدرك أن مافعله شر ، مثلما كان آدم وحواء عريانيين ولا يخجلان (تكوين 2: 25)
ان ما يحجم الانسان عن ارتكاب الشر وهو بداخله الشهوة (المخلوق بها) هو تمييزه وفهمه بين ما هو شر وما هو خير
والمقصود من القصة بسفر التكوين أنه :-
لولا الأكل من شجرة معرفة الخير والشر لكان كل البشر بدون استثناء يفعلون الشر بدافع الشهوات وهم لا يدركون أن هذا خطيئة
وكان الأكل من الشجرة هو ما أنقذ البعض من الخطيئة لأنهم أصبحوا يميزون فكانوا مثل الإله
ولكن أن الرب أراد أن يظل آدم مثل الحيوانات لا يميز بين الخير والشر وفى نفس الوقت بداخله شهوة الأكل وشهوة النساء، لأن من يميز ويعرف الفرق هو الإله نفسه
لأن الرب أنانى يريد أن يحتكر الألوهية لذلك أمر آدم وزوجته ألا يأكلا من شجرة معرفة الخير والشر
وسبب وقوع العقاب على آدم وحواء بالطرد من جنة عدن والموت وبالتالي فقد الخلود ، ليس بسبب الخطيئة (حيث لم ترد تلك الكلمة مطلقا فى النص)
فالعقاب وقع لأن آدم أصبح كالاله عارف بالخير والشر بينما يريد الاله أن يحتكر صفات الألوهية لنفسه ، وهذا ما توضح في حديث الإله لنفسه
فنقرأ من كتاب التكوين :-
3 :22 و قال الرب الاله هوذا الانسان ((قد صار كواحد منا عارفا الخير و الشر)) و الآن لعله يمد يده و ياخذ من شجرة الحياة أيضا و يأكل و يحيا إلى الابد
ثانيا :الرب يختبر البشر لأنهم أصبحوا عارفين الفرق بين الخير والشر ، ولم يرثوا خطيئة :-
طبقا للعهد القديم فيعد أن أصبح الإنسان مثل الاله عارف للخير والشر (ت* كوين 3: 22) ، فأصبح الإنسان مكلف على الأرض ، ولذلك يجب أن يتم اختباره ، وهذا يعني أن الإنسان لم يرث خطيئة ، فاذا ورث الإنسان خطيئة فهذا يعني أنه لا داعى للتجربة والاختبار لأن النتيجة معروفة مسبقا ، وإنما الاختبار للكائن الذي لم يرث خطيئة وإنما هو في الأصل مخلوق بالشهوة التي قد يستطيع السيطرة عليها فيكون خير وقد تغلبه الشر فيفعل ما يغضب الله عز وجل فتكون شر
والغريب أن كتابهم المقدس ، ورد به نصوص كثيرة توضح أن الرب يختبر ويمتحن البشر ، فكيف يمتحنهم وهم ورثوا الخطيئة والنتيجة معروفة للجميع ؟؟!!!
يمتحنهم لأنهم لم يرثوا الخطيئة وانما يحلون الشهوة المخلوقين بها في الأصل ، ومكلفين لمعرفتهم الفرق بين الخير والشر
فنقرأ من كتاب التثنية :-
8 :1 جميع الوصايا التي أنا اوصيكم بها اليوم تحفظون لتعملوها لكي تحيوا و تكثروا و تدخلوا و تمتلكوا الأرض التي اقسم الرب لابائكم
8 :2 و تتذكر كل الطريق التي فيها سار بك الرب الهك هذه الاربعين سنة في القفر لكي يذلك و يجربك ليعرف ما في قلبك اتحفظ وصاياه ام لا
لماذا في الأصل يعطيهم وصايا ليختبرهم إذا كانوا ورثوا الخطيئة ، والنتيجة معروفة لجميع البشر ؟؟!!!!!!
الرب يختبر طوبيا بالصبر ، وطوبيا ينجح في الاختبار ويكون قدوة للآخرين
كيف يتفق هذا مع الخطيئة الموروثة ؟؟!!!
فنقرأ من كتاب طوبيا :-
طو 2: 12 و انما اذن الرب ان تعرض له ((هذه التجربة لتكون لمن بعده قدوة صبره كايوب الصديق))
طو 2: 13 فانه اذ كان لم ينفك عن تقوى الله منذ صغره وحافظا لوصاياه لم يكن يتذمر على الله لما ناله من بلوى العمى
طو 2: 14 و لكنه ثبت في خوف الله شاكرا له طول ايام حياته
بعض البشر كانت نتيجة التجربة أنهم كالذهب أي أنهم نجحوا في الاختبار ، ولا وجود للخطيئة الموروثة
فنقرأ من كتاب أيوب :-
23 :10 لانه يعرف طريقي ((إذا جربني اخرج كالذهب))
23 :11 بخطواته استمسكت رجلي حفظت طريقه و لم احد
نقرأ من كتاب المزامير :-
26 :2 ((جربني يا رب)) و امتحني صف كليتي و قلبي
26 :3 لان رحمتك أمام عيني و قد سلكت بحقك
26 :4 لم اجلس مع اناس السوء و مع الماكرين لا ادخل
26 :5 ابغضت جماعة الاثمة و مع الاشرار لا اجلس
26 :6 اغسل يدي في النقاوة فاطوف بمذبحك يا رب
نقرأ من كتاب المكابيين الأول :-
2: 52 الم يكن ابرهيم في التجربة وجد مؤمنا فحسب له ذلك برا
نعم وجد مؤمنا في التجربة لأن الله عز وجل يعلم أنه لم يرث خطيئة ، وانما هو مخلوق بالشهوة ، وقابل للخير أو الشر ، ولكنه عند الاختبار فاز الخير بداخله
قال الله تعالى :- (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10)) (سورة الشمس)
تعليقات
إرسال تعليق