رسالة النبي الخاتم رسالة محفوظة إلى الأبد ولا يمكن تحريفها ، فالعوامل التي اجتمعت ومرت بالسابقين و استغلها ضعاف النفوس أتباع الشيطان لم تجتمع أبدا مع أتباع النبي الخاتم
المقدمة :-
رسالات جميع الأنبياء كان موكل بحفظها الأقوام المرسل إليهم هؤلاء الأنبياء لأنه ببساطة شديدة كان إذا حرف هؤلاء الأقوام أو أبناءهم الرسالات فكان يبعث الله عز وجل النبي الذي يصحح لهم ما حرفوه و يذكرهم بتعاليم وعقيدة الأنبياء السابقون ويردهم الى طريق الحق
1- النبي الخاتم لن يأتي بعده نبي آخر لذلك كان من رحمة رب العالمين بالبشر أن تعهد بحفظ رسالته فلا تمسها التحريف ولا التبديل ولا النسيان أبدا
فحتى وإن ظهرت فئات مختلفة حادت بعضها عن الحق وهي تزعم تبعيتها للنبي الخاتم إلا أنه يظل الكتاب الذي أنزله رب العالمين على هذا النبي محفوظ ليكون حجة على البشر ، ويكون دائما هناك فئة صالحة تفسر كلام الكتاب فى معناه الصحيح ، أنها فئة تعرف الحق والعقيدة الصحيحة وتدعو البشر إليها
أ- فرسالة النبي الخاتم مميزة عن باقي رسالات الأنبياء بتلك الميزة وهي بحفظها من التحريف وبقاء فئة على صحيح الإيمان والفهم السليم حتى قيام الساعة
ومهما زعم الضالون على رسالة هذا النبي وعلى شخصه وعلى كتابه إلا أن ما فى هذا الكتاب من حكمة و معرفة يجهلها هؤلاء الضالون هو أكبر دليل على صدقه
قال الله تعالى :- ( يس (1) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (3) عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (4) تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (5)) (سورة يس)
ب- القرآن الكريم هو تنزيل رب العالمين المحفوظ إلى يوم القيامة فلن تمسه يد التحريف والتبديل
هذا هو وعد رب العالمين وهو الوعد الحق
و القراءات المختلفة للقرآن الكريم هو اختلاف تغاير و تنوع وليس اختلاف تضاد
(يقول ابن تيمية رحمه الله في هذا المعنى: "ولا نزاع بين المسلمين أن الحروف السبعة التي أنزل القرآن عليها لا تتضمن تناقض المعنى وتضاده، بل قد يكون معناها متفقاً أو متقارباً، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: إنما هو كقول أحدكم: أقبل، وهلمَّ، وتعال..".)
انتهى
وكل هذه القراءات مروية عن الرسول عليه الصلاة والسلام ، بينما نجد فى الكتاب المقدس للمسيحيين أنه كتاب تم كتابته ووضع نصوصه ومعانيه بعد وفاة أنبياءهم بأزمان طويلة فليس ما هو مكتوب هو ما نطق به أنبياءهم ولكنه ما فهمه واعتقده وظنه من أتى بعدهم بأزمان طويلة
فنقرأ على سبيل المثال من سفر التثنية :-
34 :8 فبكى بنو اسرائيل موسى في عربات مواب ثلاثين يوما فكملت ايام بكاء مناحة موسى
34 :9 و يشوع بن نون كان قد امتلا روح حكمة اذ وضع موسى عليه يديه فسمع له بنو اسرائيل و عملوا كما اوصى الرب موسى
34 :10 و لم يقم بعد نبي في اسرائيل مثل موسى الذي عرفه الرب وجها لوجه
وهذا دليل أن سفر التثنية الذي نراه حاليا تم كتابته حسب فهم وهوى أشخاص لم يعاصروا سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام
وكذلك فإن الأسفار التاريخية فهي أسفار تم كتابتها بعد الأحداث المروية بمئات السنيين
راجع هذا الرابط :-
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=268579
http://articles.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=41302
2- العوامل التي اجتمعت ومرت ببني إسرائيل والتي استغلها الكهنة فى تحريف الكتاب لم تجتمع فى الاسلام
ما يزعمه البعض وهجومهم على القرآن الكريم هو ما ذكرته سابقا انه الرغبة فى شئ ما لا يتوافق مع ما يخبرنا به القرآن الكريم مع علمهم السابق بتحريف الكتب السابقة وعدم استطاعتهم إحداث أي تغيير فى القرآن الكريم فــ يؤلفون القصص الكاذبة لتحقيق رغبتهم الشريرة ومحاولة إيهام الناس بصحة موقفهم .
ولكن ببساطة شديدة لو فكر هؤلاء لكانوا اكتشفوا أن الظروف والعوامل التي اجتمعت ومرت ببني إسرائيل والتي استغلها الكهنة لإخفاء الحق و كتابة كتب مزجوا فيها بعض من الحقيقة مع أكاذيبهم ثم قالوا للناس هذا كتابكم المقدس ، لم تجتمع فى الاسلام .
والدليل على ذلك هو الخلفية الثقافية اليونانية التي نراها بوضوح فى الكتاب المقدس للمسيحيين والتي توضح لنا أن من كتبوا هذا الكتاب كانوا من المتأثرين بتلك الثقافة وليس بعقيدة أجدادهم بينما فى القرآن الكريم لا نجد إلا الأقوال التي قالها الأنبياء الحقيقيين
وهذه العوامل التي اجتمعت ببني إسرائيل هي :-
من المعروف أن علم الكتاب والعقيدة كان مع الكهنة ولم يكن مع العامة فالكهنة جعلوا من أنفسهم
وسطاء بين الله عز وجل والناس فأعطوا لأنفسهم سلطات ما أنزل الله بها من سلطان فكانوا يحللون ويحرمون الأشياء على هواهم وكانت الناس تتبعهم في ذلك
وللمزيد في هذا الرابط :-
فإن كان هناك صالحين من الكهنة إلا أنه قد يأتي بعدهم ضالون فاسدون عندها ستضيع العقيدة حسب أهواء هؤلاء فلا يوجد من يحفظوا الكتاب في صدورهم ليواجهوا المحرفين بتحريفهم ، وهذا هو ما حدث فى فترة اليونانيين والرومان كما سنرى إن شاء الله من باقي مباحث هذا الفصل
بينما القرآن الكريم كان يقرأه ويحفظه أي مسلم ولم يكن خاص بفئة معينة ، لذلك حتى إذا فكر أحدهم بالتحريف فإن عليه أن يقتل كل المسلمين
فلا وساطة بين البشر وبين رب العالميين في الإسلام ، ولا أحد يحرم أو يحلل إلا ما حرمه أو حلله رب العالمين في القرآن الكريم ، ورب العالمين قريب من عباده يجيب دعوة الداعي بدون أي وسيط
قال الله تعالى :- ( اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (31) )
صدق الله العظيم (سورة التوبة)
قال الله تعالى :- ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) )
صدق الله العظيم (سورة البقرة)
قال الله تعالى :-( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (7) )
صدق الله العظيم (سورة المجادلة)
وكانت هناك العديد من العوامل التي ساهمت في حفظ المسلمين للقرآن الكريم في صدورهم
وهى فى إيجاز :-
.العامل الأول: التعبد بالقرآن الكريم في الصلاة وخارجها
.العامل الثاني: الترغيب في قراءة القرآن وحفظه
.العامل الثالث: الأمر بتعهد القرآن والتحذير من نسيانه
.العامل الرابع: ارتباط بعض الوظائف الدينية والدنيوية بحفظ القرآن
.العامل الخامس: تفرغ بعض الصحابة ومن بعدهم لحفظ القرآن وضبطه
.العامل السادس اشتهار العرب بقوة الحافظة، وسيلان الأذهان، وصفاء الفطرة
العامل السابع: العلم بأن القرآن هو أصل الدين ومنبع الصراط المستقيم
العامل الثامن: إعجاز القرآن وسحر بيانه وعجائب أسلوبه وحلاوة كلامه
العامل التاسع: تيسير الوسائل لحفظه في المساجد والكتاتيب والبيوت وغيرها
والأصل فى تلقى القرآن الكريم هو شفاهية وليس كتابة لذلك فالتنقيط فى كتابة اللغة العربية لم يكن ليؤثرعلى القرآن الكريم فى شئ بعكس تلقى الكتب السابقة والذي كان الأصل فيها هو الكتابة لذلك عندما ضاعت لغتهم لم يستطيعوا فهم المعنى المكتوب لأنهم لم يحفظوه في صدورهم
ونقرأ نبوءة عن ذلك فى سفر إشعياء :-
29 :11 و صارت لكم رؤيا الكل مثل كلام السفر المختوم الذي يدفعونه لعارف الكتابة قائلين اقرا هذا فيقول لا استطيع لانه مختوم
راجع هذا الرابط :-
https://sites.google.com/site/islamicssites/-----1-25
http://www.holyquran.net/books/tahreef/3.html
http://fatwa.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&Option=FatwaId&Id=219349
كما أن من المعروف ضياع اللغة العبرية والآرامية وهما اللغتان اللتان كان مكتوب بهما الكتاب
وفى نفس الوقت لم يكن الكتاب محفوظ فى الصدور ولكن فى كتب التي من السهل تقطيعها أو حتى لو بقيت فإنه من غير المفهوم ما مكتوب فيه نظرا لضياع اللغة وهو نفس الشئ الذى حدث فى لغة المصريين القدماء وغيرهم بالرغم من وجود كتاباتهم على الجدران ، ولكن ما فائدة وجود الكتاب مع عدم فهم اللغة ؟؟!!!!!!
فضياع اللغة تعني ضياع ما فى الكتاب من علم حتى وان كان أمامك الكتاب
راجع هذا الرابط :-
http://en.wikipedia.org/wiki/Biblical_Hebrew#Loss_of_final_unstressed_vowels
بينما اللغة التي نزل بها القرآن الكريم هي محفوظة لم يتم نسيانها بل العكس فلقد اهتم العرب بالمحافظة عليها ووضعوا الكتب التي تساهم فى حفظها كما أنهم عمدوا إلى نشرها فى العديد من البلدان فأصبح استخدام هذه اللغة على نطاق واسع فى العديد من القارات مما جعل من الصعب ضياعها
استأثر اليهود بالعلم والكتاب لذلك عندما كان يتم سبيهم وترحيلهم ضاع العلم والكتاب فلم يكن هناك أقوام أخرى تحفظ هذا العلم
بينما العرب المسلمين نشروا الكتاب والعلم فى مختلف البلدان فأصبح الأمر متاح للعديد من الأقوام فإن حدث و حاول أحدهم نشر ثقافته بين أحد هذه الأقوام المؤمنة فإنه كان يوجد غيرهم من الأقوام محافظون على الكتاب ويعيدون الأخريين اليه
كان الضعف و السبي و الترحيل و بقاء المسيحيين واليهود لمئات السنين تحت حكم وسيطرة أقوام وثنية أرادت نشر ثقافتها بينهم هو من أهم أسباب تحريف العقيدة وزيفها وضياع الكتاب عند اليهود والمسيحيين
فظهرت أجيال جديدة نست اللغة الأصلية ونست التاريخ ونست العقيدة
ولكن هذا لم يحدث أيضا مع المسلمين فكانوا الأقوى فحكموا العالم لمدة تزيد عن ألف عام
فلم يستطع أحد القضاء عليهم خاصة وهم منتشرون فى العديد من بقاع العالم وبالتالي لم يستطع أحد تزيف تاريخهم وعقيدتهم
ولاتزال اللغة العربية حاضرة وموجودة
حتى الفترات التي تم احتلال بعض البلدان الإسلامية كانت فترات زمنية قصيرة جدا ففي بعض البلدان لم تتعدى 75 عام وهي فترة زمنية لا تمكن من نسيان العلم والكتاب ، فالنسيان يحتاج إلى العديد من الأجيال ، هذا بالإضافة إلى تمسك بلدان إسلامية بالعقيدة ساهم فى إفشال أي محاولة لتدمير الثقافة الإسلامية
باختصار :-
ان انتشار الاسلام فى وقت قصير جدا فى مناطق شاسعة من العالم تشمل بلدان مختلفة وقوميات مختلفة مع تعريب العديد من تلك البلدان واهتمام المسلمين بحفظ القرآن الكريم فى صدورهم ونقله شفاهية ، وحكم المسلمين العالم أكثر من ألف عام جعل من المستحيل تحريف القرآن الكريم
3- لذلك كان بنو إسرائيل يشيرون دائما أن مملكة النبي الخاتم تستمر إلى الأبد
فكانوا يقصدون استمرارية رسالته والهدى الذي جاء به إلى البشرية وكذلك مملكته التي يقيمها على الأرض فهذا معنى بقاؤه إلى الأبد وهذا هو ما كان يخبرهم به أنبياءهم عن النبي الخاتم
فبقاء هذا الهدى الذي جاء به إلى الأبد تعني بالمفهوم المجازي بقاؤه إلى الأبد حتى وان رحل جسده ولكنه موجود فى أتباعه بتعاليمه ورسالته إلى يوم القيامة
أ- وهذا المعنى المجازي للأبدية موجود :-
نقرأ من رسالة يوحنا الأولى :-
2 :17 و العالم يمضي و شهوته و اما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت الى الابد
فبقاء أي نبي بالمعنى المجازي يكون بثبوت تعاليمه ورسالته فى أتباعه و يستمر بقاؤه طالما استمرت تلك التعاليم والوصايا فى أتباعه ولكن إن حادوا ونسوا وأتى قوم وحرفوا فإنه لا يثبت حتى يأتي نبي آخر يذكر الناس برسالات جميع الأنبياء فيأتيهم بالهدى والنور مرة أخرى
ولكن مع النبي الخاتم سيكون الثبوت دائم لأن الهدى والنور الذى أتى به دائم إلى يوم القيامة
ب- وهذا الأسلوب المجازي عن الثبوت ومدة البقاء استخدمه أيضا إنجيل يوحنا على لسان المسيح عليه الصلاة والسلام :-
فنقرأ من إنجيل يوحنا :-
15 :3 انتم الان انقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به
15 :4 اثبتوا في و انا فيكم كما ان الغصن لا يقدر ان ياتي بثمر من ذاته ان لم يثبت في الكرمة كذلك انتم ايضا ان لم تثبتوا في
ثم نقرأ :-
15 :10 ان حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي كما اني انا قد حفظت وصايا ابي و اثبت في محبته
فبقاء المسيح عليه الصلاة والسلام بالمعنى المجازي يعتمد على ثبوت رسالته وتعاليمه والهدى الذي أتى به فى أتباعه فطالما حفظوا الوصايا فهم يثبتون فيه وهو يكون فيهم لذلك فهو يطلب منهم أن يثبتوا فيه ويخبرهم أن ذلك يكون ((إن حفظوا وصاياه ))
ونقرأ هذا المعنى من رسالة يوحنا الأولى :-
2 :5 و اما من حفظ كلمته فحقا في هذا قد تكملت محبة الله بهذا نعرف اننا فيه
2 :6 من قال انه ثابت فيه ينبغي انه كما سلك ذاك هكذا يسلك هو ايضا
إذا فالثبات الأبدي كان بالمعنى المجازي وهو ثبوت التعاليم والوصايا فى الأتباع
ج- وفى نفس الوقت أخبرهم المسيح عليه الصلاة والسلام بأن أتباعه سينسوا تعاليمه وسكون الأمر بحاجة إلى من يذكرهم بالوصايا والتعاليم والعقيدة الصحيحة مرة أخرى
فنقرأ من إنجيل يوحنا :-
14 :26 و اما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الاب باسمي فهو يعلمكم كل شيء و يذكركم بكل ما قلته لكم
هم بحاجة إلى من يعلمهم كل شيء ويذكرهم بأقوال ووصايا المسيح عليه الصلاة والسلام مثل ما حدث مع جميع الأنبياء السابقين للمسيح عليه الصلاة والسلام فكان كلما نسي القوم التعاليم والوصايا بعث لهم الله عز وجل نبي إنسان يذكرهم بها مرة أخرى
مما يعنى أن الهدى الذي أتى به المسيح عليه الصلاة والسلام سيتم نسيانه هو أيضا مثل باقي الأنبياء وأنه سيأتي نبي يذكرهم بما سينسوه
فالتذكير عكس النسيان والذي يؤكد على ذلك هو أنه قال أن المعزى الأخر( يعلمهم ) مما يؤكد أن التذكير هنا هو عكس النسيان ، فمن ينسى بحاجة إلى من يذكره ويعلمه ما نسيه (تكوين 40 :23) ، (مزامير 106 :7 ) ، (حكمة 2: 4)
والتذكير بكلام الأنبياء يكون على لسان أنبياء أيضا (يشوع 1 :12 ،1 :13) ، (ملاخي 4 :4 إلى 4 :6 ) ، والأكيد أن المسيح عليه الصلاة والسلام لم يكن يبشرهم بشخص عادى سيذكرهم ولكنه كان يبشرهم ويحدثهم عن نبي عظيم
د- والمسيح عليه الصلاة والسلام كان يوجه كلامه إلى أي شخص يقرأ هذا الكلام ويصدقه فى أي زمان بعده فكذلك كل الأنبياء
فهو لم يكن يقصد بالضرورة تلاميذه ولكن كان يقصد من سيأتي بعدهم وينسوا تلك التعاليم
بدليل ما نقرأه من إنجيل يوحنا :-
17 :20 و لست اسال من اجل هؤلاء فقط بل ايضا من اجل الذين يؤمنون بي بكلامهم
فعلى سبيل المثال :- أن سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام كان يوجه الوصايا الى بنى اسرائيل الذين سيسمعون ويقرأون كلامه في أي زمان يأتي بعده ولم يكن يقصد فقط الذين كانوا أمامه وفى زمانه
فالمسيح عليه الصلاة والسلام كان مدرك أن تعاليمه ووصاياه الحقيقية سوف يتم نسيانها فى زمان ما بعده وأنه سيأتي نبي بعده يذكر الناس بما تم نسيانه لذلك كان يوصي كل من يقرأ هذا الكلام أو يصل إليه بأي طريقة فى أي زمان أن يتبع هذا النبي الذي يأتي بعده
ل- ويؤكد معنى عدم بقاء المسيح عليه الصلاة والسلام الى الأبد ما ذكره إنجيل يوحنا
فنقرأ :-
12: 34 فاجابه الجمع نحن سمعنا من الناموس ان ((المسيح يبقى الى الابد )) فكيف تقول انت انه ينبغي ان يرتفع ابن الانسان من هو هذا ابن الانسان
12 :35 ((فقال لهم يسوع النور معكم زمانا قليلا بعد فسيروا ما دام لكم النور لئلا يدرككم الظلام)) و الذي يسير في الظلام لا يعلم الى اين يذهب
12 :36 ما دام لكم النور امنوا بالنور لتصيروا ابناء النور تكلم يسوع بهذا ((ثم مضى و اختفى عنهم))
التلاميذ يتعجبون و يخبرونه أنهم سمعوا أن المسيا المنتظر سيبقى إلى الأبد فكيف يقول هو أنه سيرحل
ومع ذلك نجد أن المسيح يؤكد لهم أنه سيرحل ولن يبقى ويخبرهم أن النور( أي الهدى الذي أتى به ) سيبقى زمان قليلا
ويوضح ذلك هذا النص من إنجيل يوحنا حيث نقرأ :-
9 :5 ما دمت في العالم فانا نور العالم
طالما أنه فى العالم فهو نور العالم فالأمر متوقف على وجوده فى العالم فبقاء النور الذي أتى به هو بقاء محدود وليس للأبد
بدليل أنه ترك العالم وهذا هو النص من انجيل يوحنا :-
13 :1 اما يسوع قبل عيد الفصح و هو عالم ان ساعته قد جاءت لينتقل من هذا العالم الى الاب اذ كان قد احب خاصته الذين في العالم احبهم الى المنتهى
وأيضا :-
17 :11 و لست انا بعد في العالم و اما هؤلاء فهم في العالم و انا اتي اليك ايها الاب القدوس احفظهم في اسمك الذين اعطيتني ليكونوا واحدا كما نحن
17 :12 حين كنت معهم في العالم كنت احفظهم في اسمك الذين اعطيتني حفظتهم و لم يهلك منهم احد الا ابن الهلاك ليتم الكتاب
17 :13 اما الان فاني اتي اليك و اتكلم بهذا في العالم ليكون لهم فرحي كاملا فيهم
17 :14 انا قد اعطيتهم كلامك و العالم ابغضهم لانهم ليسوا من العالم كما اني انا لست من العالم
17 :15 لست اسال ان تاخذهم من العالم بل ان تحفظهم من الشرير
نعرف من النصوص أن المسيح عليه الصلاة والسلام تارك العالم وأنه عندما كان فى العالم كان يحفظ أتباعه ولكنه عندما يترك العالم فلن يعود له سلطان ولا قدرة على حفظ أتباعه لذلك يسأل رب العالمين أن يحفظهم
وهذا يؤكد أن المسيح بن مريم لن يبقى إلى الأبد
ويؤكد أيضا أن النور الذي أتى به لن يبقى إلا زمانا قليلا وعليهم أن يلحقوا
كان من الممكن أن يخبرهم برحيله ولكن سيبقى هديه والنور الذي سيتركه إلى الأبد حتى يكون هو المسيا المنتظر و لكنه يخبرهم بالعكس ويخبرهم برحيله ((وعدم بقاء النور إلا زمانا قليلا وهو زمان مرتبط بوجوده معهم )) لأنه قال لهم انه سيثبت فيهم (أي سيستمر فيهم ) إن حفظوا وصاياه (يوحنا 15 :4 ، 15 :10 )
ومعنى رحيله وارتباط ذلك بالنور يعني عدم بقائه أي عدم ثبوت وصاياه
هذا يعني بكل بساطة أن المسيح عليه الصلاة والسلام كان يخبرهم أنه ليس هو المسيا المنتظر
وخاصة أننا نجد من نفس الإنجيل فى الاصحاح 14 بالمعزي الآخر ((الذي سيبقى إلى الأبد)) وهذه هي صفة المسيا المنتظر التي تكلم عنها التلاميذ فى (يوحنا 12 : 34)
14: 16 و انا اطلب من الاب فيعطيكم (((معزيا اخر ليمكث معكم الى الابد)))
فالنبي الخاتم لا يرحل النور الذي أتى به حتى وان رحل جسده ، ولكن المسيح عليه الصلاة والسلام يخبرهم أن النور سيرحل وسيحل الظلام مما يعنى أن رسالته هو أيضا سوف تتعرض للتحريف والتزييف والنسيان
مما يعنى أنه ليس هو النبي الخاتم ولكنه كان يخبرهم عن النبي الخاتم عندما كلمهم عن روح الحق الذي يبقى إلى الأبد
نعم انه يبقى إلى الأبد لأن تعاليمه تثبت فى أتباعه إلى الأبد فهو ليس ثبوت وقتي فلا يتم تحريف الهدى الذي أتى به فهو فى أتباعه إلى يوم القيامة
تعليقات
إرسال تعليق