القائمة الرئيسية

الصفحات

الفؤاد ليس هو القلب ولكنه حاسة الكلام والبيان

 الفؤاد ليس هو القلب بل هو حاسة من الحواس    






المقدمة :- 

ان شاء الله سوف أتكلم عن الفؤاد ، الذي يظنه البعض أنه مرادف للقلب بمعنى أنه العضو الذي يضخ الدم للجسم ،  البعض اعتمد على فهمه من خلال المعاجم اللغوية والتي تم وضعها في أزمان لاحقة على نزول القرآن الكريم بمئات السنين ، و التي انفتح خلالها العرب على أمم وحضارات مختلفة ودخل الإسلام أمم وثنية ويهودية ومسيحية ، أدخلت معهم بعض أفكارهم وعادتهم، مما أثر بالتأكيد على الأفهام  ، لذلك سوف نجد تلك المعاجم تقول أن الفؤاد هو القلب ، والمقصود هو العضلة التي تضخ الدم ، ولكن اختلف معهم بعض العلماء الآخرين أمثال الامام محمد الطاهر ابن عاشور والذي كان من رأيه أن الفؤاد هو حاسة وظن أنه الإدراك وليس القلب

بينما إذا رجعنا إلى القرآن الكريم والى الشعر الجاهلى سنجد استحالة أن يكون الفؤاد بمعنى القلب (العضو الذي يضخ الدم للجسم) بل هو حاسة من الحواس ولكنه ليس الإدراك بل هو النطق و القدرة على الحديث و الكلام ، وان شاء الله من خلال هذا الموضوع سوف أوضح الأدلة على ذلك تفصيلا 



  • 1- اختلاف العلماء حول معنى الفؤاد :- 


فكرة أن معنى الفؤاد هو القلب أو العقل لم تكن محل إجماع عند العلماء بل الحقيقة وجود اختلاف حول معنى الفؤاد ، ففى حين أن المعاجم العربية ومن ضمنها معجم لسان العرب في تفسيرها لمعنى كلمة فؤاد ، تقول إن معنى الفؤاد هو القلب ، إلا أنه ومن نفس معجم لسان العرب ولكن في تفسيره لمعنى كلمة أبكم ، أوضح أن البعض قال أن الأبكم هو المسلوب الأفئدة (جمع فؤاد) 


فنقرأ في تفسير معنى كلمة ( أبكم )، من معجم  لسان العرب لابن منظور (متوفى عام 1311 م) :- 

(وقوله تعالى: صُمٌّ بُكْمٌ عْمْيٌ؛ قال أَبو إِسحق: قيل معنا أَنهم بمنزلة من وُلد أَخْرَس، 👈👈قال: وقيل البُكْمُ هنا المَسْلُوبُ الأَفئدة👉👉

قال الأَزهري: بَيْن الأَخْرسِ والأبْكَمِ فَرقٌ في كلام العرَب فالأَخْرسُ خُلِقَ ولا نُطْقَ له كالبَهيمة العَجْماء، والأَبْكَم الذ للسانه نُطْقٌ وهو لا يعْقِل ألجوابَ ولا يُحْسِن وَجْه الكلام ) 

انتهى 


راجع هذا الرابط :- 


https://www.almaany.com/ar/dict/ar-ar/%D8%A3%D8%A8%D9%83%D9%85-%D8%A3%D9%8E%D8%A8%D9%92%D9%83%D9%8E%D9%85%D9%8F/



هذا يعني أن أَبو إِسحق وصل اليه أن العرب القدماء كان عندهم أن الأبكم = المسلوب الفؤاد ، وكانوا يفهمون الآية في القرآن الكريم بهذا المعنى ، مما يعني أن المتكلم الذي ينطق هو صاحب فؤاد عندهم ، هكذا كان يفهم العرب القدماء معنى كلمة فؤاد  


أما الامام محمد الطاهر بن عاشور فقال أن الفؤاد هو الإدراك 

فنقرأ من تفسير التحرير والتنوير للإمام / محمد الطاهر بن عاشور ، رحمة الله عليه (في تفسيره للآية 120 من سورة هود)  :- 

(👈👈والفؤاد : أطلق على الإدراك كما هو الشائع في كلام العرب .👉👉


وتثبيت فؤاد الرسول - صلى الله عليه وسلم - زيادة يقينه ومعلوماته بما وعده الله لأن كل ما يعاد ذكره من قصص الأنبياء وأحوال أممهم معهم يزيده تذكرا وعلما بأن حاله جار على سنن الأنبياء وازداد تذكرا بأن عاقبته النصر على أعدائه ، وتجدد تسلية على ما يلقاه من قومه من التكذيب وذلك يزيده صبرا . والصبر : تثبيت الفؤاد)

انتهى 


راجع هذا الرابط :- 


https://islamweb.net/ar/library/index.php?page=bookcontents&flag=1&ID=1438&bk_no=61&bookhad=




ومن موقع إسلام ويب في مقال بعنوان (ما الفرق بين القلب والنفس والفؤاد) يوضح اختلاف العلماء حول المقصود بالفؤاد :- 

(قال النووي وابن الصلاح : المشهور أن الفؤاد هو القلب، فعلى هذا يكون قد كرر ذكر القلب مرتين بلفظين وهو أولى من تكريره بلفظ واحد. 👈👈وقيل: الفؤاد غير القلب.👉👉 وهو عين القلب، وقيل: الفؤاد باطن القلب، وقيل: هو غشاء القلب. قال العيني: وإنما سمي القلب قلبا لتقلبه، وقال الليث: مضغة من الفؤاد معلقة بالنياط وسمى قلبا لتقلبه. وقال الخطابي: وصف القلوب باللين والأفئدة بالرقة لأن الفؤاد غشاء القلب إذا رق نفذ القول فيه وخلص إلى ماوراءه)

انتهى 


راجع هذا الرابط :- 


https://www.islamweb.net/ar/fatwa/61010/%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%81%D8%B3-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%84%D8%A8-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A4%D8%A7%D8%AF



نعم بالفعل أن (المشهور) هو أن الفؤاد هو القلب ، ولكن محاولات العلماء للتمييز بين القلب والفؤاد وقول بعضهم أن الفؤاد غير القلب ثم محاولتهم لفهم معناه ، يعني بكل بساطة أنهم فهموا من خلال القرآن الكريم أن هناك فرق بينهم وأنهم ليسوا واحد 



ولكن السؤال هو :- 

ما معنى كلمة الفؤاد تحديدا وخاصة في القرآن الكريم ؟؟ 

الاجابة عليها يجب أن تكون من خلال القرآن الكريم نفسه ، وان شاء الله هذا ما سوف أوضحه في هذا الموضوع 



  • 2 - الفؤاد والقلب وردوا في آية واحدة لأن لهما معنيين مختلفين :- 



قال الله تعالى :- (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (10))       (سورة القصص) 


فؤاد أم موسى أصبح فارغا لدرجة أنها كادت أن تكشف الأمر ، ولكن الله عز وجل ربط على قلبها حتى لا تبدى ما كاد الفؤاد الفارغ أن يتسبب في ظهوره ، مما يعني أن الفؤاد ليس هو (القلب) ولكنه شيء آخر ، فمن المستحيل أن يكونا شيء واحد ، فالفؤاد كان يفعل شئ بينما القلب كان في وضع مختلف 



ونقرأ من تفسير الطبري :- 

(حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن حسان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ( وأصبح فؤاد أم موسى فارغا ) قال : 👈👈فارغا من كل شيء إلا من ذكر موسى .👉👉

…..


حدثنا محمد بن عمارة ، قال : ثنا عبد الله ، قال : ثنا إسرائيل ، عن أبي يحيى ، عن مجاهد ( وأصبح فؤاد أم موسى فارغا ) قال : 👈👈من كل شيء غير ذكر موسى👉👉 )

انتهى 



ونقرأ من تفسير الدر المنثور للآية 10 من سورة القصص :- 

(أخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله : وأصبح فؤاد أم موسى فارغا قال : 👈👈من ذكر كل شيء من أمر الدنيا إلا من ذكر موسى .👉👉)

انتهى 



ما نقل عنهم الطبري يقولون أن فؤادها فارغ إلا من ذكر موسى ، فما معنى ذلك ؟؟


ذكر يأتي بمعنى الكلام على اللسان 

فمن المعجم :- 

ذَكَرَ اسْمَهُ : جَرَى على لِسانِهِ، اِنْطَلَقَ بِهِ 


ومن معجم لسان العرب :- 

قال الفراء الذِّكْرُ ما ذكرته بلسانك وأَظهرته

انتهى 


وقد يأتي أيضا بمعنى التذكر يعنى عكس النسيان ، فنقول (ذكرى) 


ولكن ماذا كان يقصد السابقون عندما فهموا الآية وقالوا عن فؤاد أم موسى بأنه فارغ من ذكر كل شيء من أمر الدنيا إلا من ذكر موسى ؟؟


هل كانوا يقصدون ما يجرى على اللسان أم كانوا يقصدون التذكر للشئ ؟؟

ولكن ما نقله الطبري وأوضحته أعلاه يقول أن فؤاد أم موسى فارغ من  (ذكر كل شئ) إلا موسى وليس ( ذكرى كل شئ) أي أنهم يقصدون الكلام وليس الذكريات ، يعني كانوا يقصدون ما يجرى على اللسان 


قال الله تعالى :- (ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2))       (سورة مريم) 


ونقرأ من تفسير التحرير والتنوير :- 

(افتتاح كلام ، فيتعين أن ذكر خبر مبتدأ محذوف ، مثله شائع الحذف في أمثال هذا من العناوين . والتقدير : هذا ذكر رحمة ربك عبده . 👈👈وهو بمعنى : اذكر . ويجوز أن يكون ذكر أصله مفعولا مطلقا نائبا عن عامله بمعنى الأمر ، أي اذكر ذكرا.👉👉)

انتهى 


يعنى أن (ذكر) بمعنى كلام يتلى ويقال 

يعني العلماء الذين نقل عنهم الطبري الكلام أعلاه كانوا يفهمون أن الفؤاد هو الكلام وليس القلب ولا العقل ولا الإدراك  



ونتأكد من ذلك من خلال شعر أبو تمام ( حبيب بن أوس بن الحارث الطائي) المتوفى عام 231 هجرية :- 

نَقِّل فُؤادَكَ حَيثُ شِئتَ مِنَ الهَوى         ما الحُبُّ إِلّا لِلحَبيبِ الأَوَّلِ 

كَم مَنزِلٍ في الأَرضِ يَألَفُهُ الفَتى           وَحَنينُهُ أَبَداً لِأَوَّلِ مَنزِلِ



يعني أن الحب الأول ساكن في وجدان الإنسان ، بينما الفؤاد هو الذي يتنقل في الهوى ، مما يعني استحالة أن يكون الفؤاد الذي عرفه أبو تمام هو العقل أو القلب بل هو شئ يبديه الإنسان بخلاف ما هو موجود في مكنونه ووجدانه وعقله ، لأن العقل ثابت للحب الأول وبالتالي يستحيل أن يكون الفؤاد هو الإدراك  

ولكن يا ترى ما هذا الشئ الذي يمكن للإنسان أن يبديه بخلاف ما هو في وجدانه ؟؟؟


الإجابة نجدها في القرآن الكريم 


قال الله تعالى :- (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ 👈👈يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ👉👉 وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167))          (سورة آل عمران) 


نعم أن الذي يظهر أمام الناس بخلاف ما هو في داخل الإنسان هو الكلام ، ونجد ذلك بوضوح في آيات أخرى 


قال الله تعالى :- (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ 👈👈مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ👉👉 وَمِنَ الَّذِينَ هَادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41))        (سورة المائدة) 



قال الله تعالى :- (كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً 👈👈يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ👉👉 وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8))       (سورة التوبة) 




  • 3 - في القرآن الكريم فإن الفؤاد كان يأتي مع الحواس ، مما يعني أنه  ليس عضو في الجسم وإنما قدرة أعطاها الله عز وجل للإنسان وهي النطق والكلام والبيان :-


بالعودة إلى آيات القرآن الكريم سنجد أن الفؤاد دائما يأتي مع الحواس ، فهو ليس عضو في الجسم ولكن هو من الحواس والقوى التي أعطاها الله عز وجل للإنسان فهو يأتي مع السمع والبصر 

وفى نفس الوقت نحن مسئولين عن الفؤاد مثل السمع والبصر 

فهي حاسة مثل السمع والبصر ونحن مسئولين عنها 

وعندما نرى الحاسة الثالثة التي وردت في القرآن الكريم فقدها مع فقد السمع والبصر ، نرى أنها البكم ، مما يعني أن الفؤاد عكس البكم ، أي أنه الكلام والنطق والبيان 



  • أ- كلمة فؤاد كانت تأتى في القرآن الكريم مع الحواس (حاستي السمع والبصر) وليس مع أعضاء الجسم :- 


قال الله تعالى :- (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ 👈👈السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ👉👉 لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78))        (سورة النحل)



قال الله تعالى :- (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ لَكُمُ 👈👈السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ👉👉 قَلِيلا مَّا تَشْكُرُونَ (78)) 

(سورة المؤمنون) 



قال الله تعالى :- (ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ 👈👈السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ👉👉 قَلِيلا مَّا تَشْكُرُونَ (9))         (سورة السجدة) 


قال الله تعالى :- (قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ 👈👈السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ👉👉 قَلِيلا مَّا تَشْكُرُونَ (23))      (سورة الملك) 



يعني هي حاسة ولكنها ليست سمع ولا بصر 

ولكن ما هي ؟؟!!!

انها حاسة أنعم الله عز وجل بها على الإنسان 


قال الله تعالى :- (الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الإِنسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4))      

(سورة الرحمن) 


وحتى يستطيع الإنسان استخدام تلك الحاسة فهو بحاجة إلى أعضاء تمكنه من استغلالها وبالتأكيد فإن هذه الأعضاء نعمة من الله عز وجل على الإنسان 


قال الله تعالى :- (أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ (8) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (9))       (سورة البلد)


العينيين حتى يستطيع الإنسان الإبصار ، أما اللسان والشفتين حتى يستطيع التكلم ، فالتكلم هي حاسة أنعم الله عز وجل بها على البشر ، ولكن أين هي في القرآن الكريم ؟؟؟

فطالما ذكر العضو الذي يمكن لهذه الحاسة ، فلا بد أنه سبحانه ذكرها 

نعم ذكرها لأنها الفؤاد 



  • ب- طبقا لما ورد في القرآن الكريم فإن الحاسة الثالثة التي يفتقدها الإنسان الضال مع السمع والبصر هي الكلام البين فمع فقدها يكون الإنسان أبكم أي كلامه هواء بلا قيمة :- 


طالما ارتبط الفؤاد مع حاستى السمع والبصر ، فهذا يعني أن فقد الفؤاد أي مرتبط في القرآن الكريم بفقد حاستي السمع والبصر 

ولذلك السؤال هو :- 

ما هي تلك الحاسة التي فقدها ارتبط في القرآن الكريم مع فقد السمع والبصر ؟؟

انه البكم ، مما يعني أن الفؤاد هو الكلام والنطق والحديث 


قال الله تعالى :- (👈👈صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ👉👉 فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ (18))     (سورة البقرة) 


قال الله تعالى :- (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء 👈👈صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ👉👉 فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ (171))         (سورة البقرة) 



قال الله تعالى :- (وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا 👈👈صُمٌّ وَبُكْمٌ👉👉 فِي الظُّلُمَاتِ مَن يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (39))         (سورة الأنعام) 



قال الله تعالى :- (وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاء مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ 👈👈عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا👉👉 مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97))    (سورة الاسراء) 



قال الله تعالى :- (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللَّهِ 👈👈الصُّمُّ الْبُكْمُ👉👉 الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ (22))   

(سورة الأنفال) 



  • ج- الفؤاد حاسة نحن مسئولين عنها وسوف نُحاسب عليها في الآخرة :-


الفؤاد حاسة نحن مسئولين عنها مثل السمع والبصر أي سوف نُحاسب عليها 


قال الله تعالى :- (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ 👈👈إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً👉👉 (36))        (سورة الاسراء) 


لكن ما هي تلك الحاسة الثالثة التي سوف نحاسب عليها ؟؟!!!

انه الكلام 


قال الله تعالى :- (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ 👈👈سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ👉👉 (19))         (سورة الزخرف) 


يعني من كذب وشهد أن الملائكة اناث فسوف يُسْأَلُونَ في الآخرة 


قال الله تعالى :- (وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (4) مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا (5))       (سورة الكهف) 


قال الله تعالى :- (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ 👈👈إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ👉👉 (50))      (سورة هود) 


أي أنه بادعائهم الافك والكذب ووجود آلهة أخرى فإنهم يفترون الكذب ، وهو ما سوف يُسْأَلُونَ في يوم القيامة عنه 


قال الله تعالى :- (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالا مَّعَ أَثْقَالِهِمْ 👈👈وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ👉👉 (13))      (سورة العنكبوت) 



قال الله تعالى :- (مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا 👈👈إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ👉👉 وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ (10))     (سورة فاطر) 



قال الله تعالى :- (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ 👈👈وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ👉👉 (15))       (سورة النور) 



قال الله تعالى :- (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ 👈👈وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ👉👉 (30))     (سورة الحج) 



قال الله تعالى :- (وَمَنْ أَظْلَمُ 👈👈مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا👉👉 أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (21))    (سورة الأنعام) 


وقد أمر الله عز وجل المؤمنين بأن يقولوا الحق والكلام الطيب 


قال الله تعالى :- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ 👈👈وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا👉👉 (70))       (سورة الأحزاب) 


قال الله تعالى :- (👈👈وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ👉👉 إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا (53))          (سورة الاسراء) 



  • 4 - الفؤاد غير القلب :- 


قال الله تعالى :- (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ 👈👈أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم👉👉 مَّنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِهِ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ (46))      (سورة الأنعام)  


هنا سوف نلاحظ أن الله عز وجل لم يقول (أخذ الله قلوبكم) ، لأن القلب عضو ، لو أخذه الله عز وجل فهذا يعني موت الإنسان ، بينما يقول سبحانه في نفس الآية (أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ

يعني الحواس ، فيمكن للانسان أن يكون له أذن وله عين ولكن لا يستطيع السمع أو النظر بشكل سليم حتى يرى الحق 

وهذا يعني أن القلب ليس حاسة من الحواس ولكنه عضو يمكن أن يختم الله عز وجل عليه ، فيخرج بنتائج غير صحيحة ، بينما الفؤاد الذي كان يأتي مع الحواس هو حاسة وليس عضو 



  • 5- (فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا) يعني لا تستطيع الكلام بتركيز فهذا حال من استبد به الخوف والقلق :- 


قال الله تعالى :- (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (10))       (سورة القصص) 


الذي استبد به الخوف أو القلق لا يستطيع أن يتفاعل مع من حوله بتركيز ، فأم موسى خائفة وقلقة على ابنها فلا تستطيع الكلام إلا عنه ، فكادت أن تكشف ما فعلته به 

فالفؤاد الفارغ (أي بلا كلام متمعن) كناية عن الخوف لأن الخائف المرتعب أو القلق لا يستطيع التكلم بشكل طلق وبتركيز فيما يقوله 



فنقرأ من موقع calm clinic بعنوان (Anxiety and Difficulty Speaking) أي القلق وصعوبة الكلام :- 

Finding difficulty speaking when you have other types of anxiety is also common, since the mechanisms required for speaking are disrupted by anxiety symptoms

Any form of relaxation has the potential to free up your thoughts to make it easier and more comfortable to speak in public

Exposure can help limit the anxiety someone feels while speaking


الترجمة :- 

من الشائع اكتشاف صعوبة في التحدث عندما يكون لديك أنواع أخرى من القلق ، لأن الآليات المطلوبة للتحدث تتعطل بسبب أعراض القلق

أي شكل من أشكال الاسترخاء قادر على تحرير أفكارك لجعل التحدث في الأماكن العامة أسهل وأكثر راحة

يمكن أن يساعد الجهر (الكشف) في الحد من القلق الذي يشعر به الشخص أثناء التحدث 

انتهى 


راجع هذا الرابط :- 


https://www.calmclinic.com/anxiety/symptoms/difficulty-speaking





ولذلك نقرأ :- 

قال الله تعالى :- (إِذْ جَاؤُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتْ الأَبْصَارُ 👈👈وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ👉👉 وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10))        (سورة الأحزاب)


بلغت القلوب الحناجر أي وصل ما في القلوب من خوف وهلع إلى الحناجر لأن من مظاهر الخوف هو جفاف الحلق ، والرجفة في الصوت ويصل أيضا إلى التوقف عن الكلام بشكل مفاجئ فيصبح الفؤاد فارغ أي لا كلام أو يتكلم بلا تركيز فيما يقوله 



فنقرأ من موقع موضوع (mawdoo3) عن مظاهر الخوف من ضمنه :- 

(التوقف عن الكلام بشكل مفاجئ،👈👈وقد يتسبب الخوف في حدوث التأتأة👉👉، وعدم القدرة على إكمال الجمل. ظهور الرجفة في الصوت، كما أنه قد تصاب جميع أجزاء جسمه بالرجفة، وبخاصة اليدين، والقدمين.)

انتهى  



راجع هذا الرابط :- 


https://mawdoo3.com/%D9%85%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88%D9%81





  • 6 - في الآية 97 من سورة الإسراء فإن الله عز وجل يحشر الكافرين بكم و صم وعميان ، وفى الآية 43 من سورة إبراهيم فإن الكافرين يحشرون وأفئدتهم هواء ، أي بلا كلام بسبب الخوف فهم بكم والدليل في الآية 85 من سورة النمل  :- 



قال الله تعالى :- (وَمَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاء مِن دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ 👈👈عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا👉👉مَّأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (97))    (سورة الاسراء) 


الكافرون يحشرهم الله عز وجل صم وبكم وعميان 

وكذلك فإن الكافر يتم حشره وفؤاده هواء ، أي فؤاده لا يوجد به شئ لأنه أبكم ، مما يعني أن الفؤاد هو الكلام ، أما الأفئدة الهواء هي كما سبق وأن أوضحت كناية عن شخص استبد به الخوف ، فلا يكون لديهم قدرة نفسية على تبرير ما فعلوه من قبل فلا ينطقون (ليس لأنهم خرس ولكن من هول الموقف عليهم)  ، فلا يوجد إلا الخوف و الرعب 


فمن المعجم :- 

الهَوَاءُ :كلُّ فارغ

هواء : جبان 

هواء : شيء خال 



قال الله تعالى :- (وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ 👈👈وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء👉👉 (43))    

(سورة إبراهيم) 


قال الله تعالى :- (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83) حَتَّى إِذَا جَاؤُوا 👈👈قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ👉👉 (84) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم بِمَا ظَلَمُوا 👈👈فَهُمْ لا يَنطِقُونَ👉👉 (85))      (سورة النمل) 


لا ينطقون لأنهم لا يعرفون ماذا يقولون ويجيبوا  ، فهم بذلك بكم 



قال الله تعالى :- (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ (34) 👈👈هَذَا يَوْمُ لا يَنطِقُونَ👉👉 (35) وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (36))       (سورة المرسلات) 


وعدم النطق (أي البكم) ناتج من الرعب والخوف الذي استبد بهم فلا يعرفون ماذا يقولون أو يبررون كفرهم وافترائهم ، فالأبكم لا يعني أخرس تماما ولكنه لا يحسن الكلام فاما لا ينطق من الخوف أو يتكلم بصعوبة  والدليل على ذلك هو باقي الآيات وتحديدا الآية 36 من سورة المرسلات حيث ورد أنه (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ)  أي أن لهم قدرة على الكلام الاعتذار فعدم النطق و البكم ليس سببه عدم قدرة دائم بل عدم قدرة مؤقت من هول الموقف   


ونقرأ من معجم لسان العرب عن كلمة أبكم :- 

(قال الأَزهري: بَيْن الأَخْرسِ والأبْكَمِ فَرقٌ في كلام العرَب فالأَخْرسُ خُلِقَ ولا نُطْقَ له كالبَهيمة العَجْماء، والأَبْكَم الذ للسانه نُطْقٌ وهو لا يعْقِل ألجوابَ ولا يُحْسِن وَجْه الكلام) 

انتهى 



وكيف يستطيعون الكلام بطلاقة وهو يوم الفزع 


قال الله تعالى :- (وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ 👈👈فَفَزِعَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ👉👉 إِلاَّ مَن شَاء اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (87))      (سورة النمل) 


قال الله تعالى :- (فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9) عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10))        (سورة المدثر) 



قال الله تعالى :- (وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ (21) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) 👈👈وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24) تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ👉👉 (25))        (سورة القيامة) 



قال الله تعالى :- (فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (37) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُّسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُّسْتَبْشِرَةٌ (39) 👈👈وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ (40) تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ (41) أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ👉👉(42))          

(سورة عبس) 




  • 7 - (وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ) أى فتميل إليه أفئدة الذين لا يؤمنون ، فهى تميل بالجدال وقول الزور لأن الفؤاد هو الكلام :- 



قال الله تعالى :- (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا 👈👈شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ👉👉 غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) 👈👈وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ👉👉 بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ (113))        (سورة الأنعام) 


كلمة تصغي يعني تميل 

أفئدة الذين لا يؤمنون تميل إلى زخرف القول الذي يوحيه إليهم الشياطين ، ولكن كيف تميل الأفئدة لكلام الشياطين ، وماذا تفعل ؟؟ 

الإجابة في القرآن الكريم ، فهي تميل بالكلام الكاذب والجدال الباطل 



قال الله تعالى :- (وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ 👈👈وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ👉👉 وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121))         (سورة الأنعام)



قال الله تعالى :- (وَمِنَ النَّاسِ 👈👈مَن يُجَادِلُ👉👉 فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ 👈👈وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَّرِيدٍ👉👉 (3))     

(سورة الحج) 



يعنى أن اتباع كلام الشيطان يجعلهم يجادلون أي يتكلمون بغير علم ، فكلامهم مال إلى وحى الشيطان ، مما يعني أن الفؤاد هو الكلام والحديث 


قال الله تعالى :- (👈👈قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا👉👉 وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ 👈👈كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ👉👉 فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىَ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (71))           (سورة الأنعام) 



  • 8 - (مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ) أي ما نثبت به دعوتك (يؤيد كلامك ولا يزعزعه) :- 


قال الله تعالى :- (وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ 👈👈مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ👉👉 وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (120) وَقُل لِّلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ (121))         (سورة هود) 


يعني أن في قصص الرسل السابقين ما يؤيد ويثبت به فؤاد الرسول عليه الصلاة والسلام ، أي يؤيد دعوته وكلامه للناس ، ولا يتزعزع ولا يهتز في كلامه للناس 


قال الله تعالى :- (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) 👈👈وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ👉👉 بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا (46))       (سورة الأحزاب) 


والدليل على هذا المعنى موجود في آيات أخرى 



  • أ- سورة الفرقان (الآيات 32 و 33) و سورة الإسراء (الآية 106) توضحان ما معنى تثبيت فؤاد الرسول عليه الصلاة فهو تثبيت دعوته لإيضاح الحق للناس والرد على المبطلين :- 


قال الله تعالى :- (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلا (32) 👈👈وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ👉👉 وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33))      

(سورة الفرقان) 


يتسائل الكافرون لماذا لا ينزل القرآن مرة واحدة ، فيرد عليهم الله عز وجل بأنه نزل مفرقا لتثبيت فؤاد الرسول عليه الصلاة والسلام فإذا جاء الكافرون بمثل فإن الله عز وجل أوحى إلى الرسول عليه الصلاة والسلام بالحق والكلام الصحيح الذي يرد به باطلهم 

مما يعني أن القرآن الكريم نزل مفرقا لثبيت الرسول وذلك بتثبيت دعوته في مواجهة الكافرين ، أي أن الفؤاد الذي ثبته الله عز وجل للرسول عليه الصلاة والسلام بالقرآن المتفرق هو دعوته وكلامه 

وما يؤيد ذلك ما ورد في سورة الإسراء من سبب نزول القرآن الكريم مفرق 


قال الله تعالى :- (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) 👈👈وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ👉👉 وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً (106))        (سورة الاسراء) 


ونقرأ من تفسير الطبري :- 

(وقوله ( لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ ) يقول: لتقرأه على الناس على تُؤَدة، فترتله وتبينه، ولا تعجل في تلاوته، فلا يفهم عنك.)

انتهى 


يعنى أن القرآن الكريم الذي نزل مفرقا لتثبيت فؤاد الرسول عليه الصلاة والسلام (طبقا للآية 32 من سورة الفرقان) ، فإنه نزل مفرق حتى يتمكن الرسول عليه الصلاة والسلام من تبيانه للناس و افهامه لهم على مهل (طبقا للآية 106 من سورة الإسراء) ، فلا يأتي كافر بمثل إلا ويرد الله عز وجل عليه بالحق (طبقا للآية 33 من سورة الفرقان) ،  أي أنه نزل مفرق لتأييد دعوته وهذا هو معنى تثبيت الفؤاد 



  • ب- قصص الأنبياء في القرآن الكريم لتثبيت فؤاد الرسول عليه الصلاة والسلام (طبقا للآية 121 من سورة هود) هي لتكون عبرة لأصحاب العقول فيدركون أنه ما كان حديث وكلام مفترى (طبقا للآية 111 من سورة يوسف) :- 


قال الله تعالى :- (👈👈قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ👉👉 أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108) وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِم مِّنْ أَهْلِ الْقُرَى أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ اتَّقَواْ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (109) حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110) 👈👈لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى👉👉 وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (111))       

(سورة يوسف) 


يعني هذا هو طريق الرسول عليه الصلاة والسلام في الدعوة بالتوحيد لله عز وجل وطاعته على يقين وعلم ، فمن كانوا من الرسل قبل الرسول عليه الصلاة والسلام كانوا أيضا رجال بشر أوحى إليهم الله عز وجل ،و كان في قصصهم عبرة وعظة لأصحاب العقول فيدركون أنه الحكمة فلم يكن حديث يفترى أي لم يكن كلام الرسول عليه الصلاة والسلام ودعوتهم وما في القرآن الكريم كلام مكذوب بل هو الحق 

أي أن الغرض من قصص الرسل السابقين هو إدراك الناس أنه ما يقوله الرسول عليه الصلاة والسلام ودعوته لم يكن كلام مفترى بل هو الحق ، وبذلك فإن في تلك القصص تثبيت الفؤاد الرسول عليه الصلاة والسلام أي لتأييد دعوته 



  • ج- من سورة العنكبوت وسورة الزمر وسورة الرعد فإن القرآن الكريم آيات بينات في صدور المؤمنين ، و تقشعر منه جلود الذين يؤمنون بالله ، أي أنه كان مؤيدا لدعوة الرسول عليه الصلاة والسلام :- 


قال الله تعالى :- (وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ 👈👈فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ👉👉هَؤُلاء مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الْكَافِرُونَ (47) 👈👈وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ👉👉 (48) بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلاَّ الظَّالِمُونَ (49))       (سورة العنكبوت) 


يعني أن الله عز وجل أنزل القرآن الكريم به آيات بينات يقر ويعترف بها المؤمنون الذين يقرون بالحق ، ولو يا محمد كنت تقرأ أو تكتب من قبل نزول القرآن الكريم لكانوا ارتابوا بك وبكلامك ، ولذلك فإن القرآن الكريم هو آيات بينات في رؤوس الذين أوتوا العلم 

يعني القرآن الكريم نزل لتثبيت دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام فهو آيات بينات 


قال الله تعالى :- (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23))       (سورة الزمر) 


يعني أن أحسن الحديث الموجود في القرآن الكريم تقشعر منه جلود الذين يؤمنون ويخشون ربهم ، فهذا هو ما يثبت دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام أي فؤاده 


قال الله تعالى :- (وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ (36))       (سورة الرعد) 



  • د- القرآن الكريم نزل لتثبيت الذين آمنوا ، فبذلك ثبت الله عز وجل فؤاد الرسول عليه الصلاة والسلام أي دعوته :- 


قال الله تعالى :- (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (103))      (سورة النحل) 



  • ع- من سورة النحل فإن القرآن الكريم نزل تبيانا لكل شئ ، أي لأنه تبيانه فهو تثبيت لدعوة الرسول عليه الصلاة والسلام :- 


قال الله تعالى :- (وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلاء وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89))      (سورة النحل) 


قال الله تعالى :- (هَذَا بَلاغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ (52))        (سورة إبراهيم) 



  • 9- (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) أي ما كذب صاحبكم الحديث الذي شاهده وأخبركم به :- 



قال الله تعالى :- (وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) 👈👈مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ👉👉 وَمَا غَوَى (2) 👈👈وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى👉👉 (3) إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) 👈👈مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى👉👉 (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12))          (سورة النجم) 



الفؤاد هنا بمعنى الحديث والخبر الذي شاهده الرسول عليه الصلاة والسلام بنفسه و أخبرهم به ، فهو ليس بحديث كذب  ، والآية 11 من سورة النجم استكمال لوصف سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام (بصاحبكم) بأنه ما ضل ، وما ينطق عن الهوى ، وأيضا ما كذب ، فقيلت كلمة (صاحبكم) في بداية الآيات فقط ، ثم استمر الحديث عنه بدون تكرار 


بطريقة أخرى :- 

كلمة صاحبكم فهي مذكورة في الآية (2) من سورة النجم ، وحُذفت في الآية (3) - (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى) ، أي وما ينطق صاحبكم عن الهوى ، وكذلك هو نفسه ما حدث في الآية (11) - (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى) أي ما كذب صاحبكم الحديث الذي رأى 


فقد كانوا يكذبون بما يقوله لهم الرسول عليه الصلاة والسلام 


قال الله تعالى :- (وَمَا يَأْتِيهِم مِّن 👈👈ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ👉👉 إِلاَّ كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ (5))    

(سورة الشعراء) 


قال الله تعالى :- (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا 👈👈بِهَذَا الْحَدِيثِ👉👉 أَسَفًا (6))    

(سورة الكهف) 


قال الله تعالى :- (فَذَرْنِي وَمَن 👈👈يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ👉👉 سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ (44))   (سورة القلم) 



  • 10 - (الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ) أي التي تطلع على ألسنتهم فتكلم عن الحال وأراد المحل  :- 



قال الله تعالى :- (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ (7))   (سورة الهمزة) 


هناك أسلوب في البلاغة فى اللغة العربية وهو المجاز المرسل ومنه علاقة الحالية وهو إطلاق الحال وإرادة المحل ، مثل :- 

قال الله تعالى :- (إِنَّ الأَبْرَارَ 👈👈لَفِي نَعِيمٍ👉👉 (22) عَلَى الأَرَائِكِ يَنظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24))      (سورة المطففين) 


فسبحانه أطلق الحال وهو النعيم ونضرة الوجوه ، وأراد المحل وهي الجنة ، فالجنة هي محل النعيم  ونضرة الوجوه والرحمة والراحة 

ونفس الأمر بالنسبة للآية السابعة من سورة الهمزة ، فقد أطلق الحال وهي كلام الكافرين و أراد المحل وهو الفم والوجه ، لأن بكذبهم وافترائهم على الله عز وجل هو ما أوصلهم إلى نار جهنم ولذلك نرى في آيات أخرى في القرآن الكريم يوضح لنا الله عز وجل أن الناس تصل إلى وجوه الكافرين ، وذلك جزاء ما وصفته ألسنتهم من الكذب (أي الأفئدة الكاذبة = الكلام الكاذب) 


قال الله تعالى :- (وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ 👈👈فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ👉👉 هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (90))    (سورة النمل) 


قال الله تعالى :- (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ 👈👈وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى لاَ جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ👉👉 وَأَنَّهُم مُّفْرَطُونَ (62))        (سورة النحل) 


قال الله تعالى :- (وَلاَ تَقُولُواْ 👈👈لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ 👈👈وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ👉👉 (117))    (سورة النحل) 


قال الله تعالى :- (سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ 👈👈وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ👉👉 (50))      (سورة إبراهيم) 


قال الله تعالى :- (وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ (103) 👈👈تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ👉👉 وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104))        (سورة المؤمنون) 



  • 11 - (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ) أي نقلب كلامهم ، فلا يثبتون على قول يحاولون به الطعن في القرآن الكريم والرسول عليه الصلاة والسلام :- 



قال الله تعالى :- (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (110))        (سورة الأنعام) 


يعنى أن كلام المشركين مقلوب عن معرفة الحق فهم مترددون ولا يثبتون على كلام لأنهم كانوا في داخلهم يعلمون أن القرآن الكريم حق ولكنهم أرادوا الطعن فيه بأي طريقة فناقضوا أنفسهم بتقلب كلامهم وعدم ثبوتهم على رأى في القرآن الكريم ، وهذا توضح في آيات أخرى في القرآن الكريم لأنه يفسر نفسه بنفسه 


قال الله تعالى :- (بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ (5))         (سورة الأنبياء) 


قال الله تعالى :- (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلاَّ رَجُلٌ يُرِيدُ أَن يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هَذَا إِلاَّ إِفْكٌ مُّفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ (43))           (سورة سبأ) 


انهم متعنتين متقلبين فيما يصفون به القرآن الكريم فتارة يقولون أنه أضغاث أحلام ، وتارة أنه مفترى ، وتارة بأنه كلام شاعر ، وتارة بأنه سحر 

وكذلك لا يعرفون بما يصفون الرسول عليه الصلاة والسلام فتارة يقولون مجنون وتارة يقولون شاعر ، وتارة هو ساحر  يعلمه شيطان 


قال الله تعالى :- (فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ (29) أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَّتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30))       (سورة الطور) 



قال الله تعالى :- (وَإِن يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ (51))         (سورة القلم) 


قال الله تعالى :- (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ قَالَ الْكَافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ مُّبِينٌ (2))      (سورة يونس) 



  • 12 - (فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ) أي اجعل أحاديث بعض الناس تميل اليهم ، فهذا حال من استبد به الهوى إلى شئ :- 



قال الله تعالى :- (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاةَ 👈👈فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ👉👉 وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37))      (سور إبراهيم) 


كما سبق وأن أوضحت بأن كلمة أفئدة بمعنى كلام أو أحاديث 

أما حرف الجر (من) فهو هنا للتبعيض بمعنى بعض الناس ، مثلما نقول :- (قرأت من القرآن) أي قرأت بعض القرآن 


قال الله تعالى :- (لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ 👈👈مِمَّا تُحِبُّونَ👉👉 وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92))        (سورة آل عمران) 


يعنى أن (أفئدة من الناس) تعنى (كلام بعض الناس) 


أما بالنسبة لكلمة تهوى فهي تعنى تميل 

ومن المعجم :- 

هوَى الشَّخصُ :مال وحنَّ 


فالكلام هو نتيجة وحال لميل الإنسان وهواه نحو شئ ، بل أن الإنسان عندما يتكلم عن شئ يهواه فهو بذلك وصل إلى أقصى درجات الحب والميل لدرجة أنه لم يعد يستطيع أن يخفى ما يهواه ويظل يتكلم ويتحدث عنه ،  لذلك فإن الآية تتحدث عن حال من استبد به الهوى لهذا المكان ، بمعنى أن سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام يطلب من الله عز وجل أن يستبد الميل وهوى بعض الناس لهذا المكان لدرجة أن كلامهم يصرح بذلك 


والدليل على أن الكلام هو نتيجة لميل ولحال انسان هو :- 


قال الله تعالى :- (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ (77))       (سورة المائدة) 


يعني قولهم بأن المسيح هو الله هو نتيجة لاتباعهم هوى قوم ضلوا سبقوهم بادعاء هذا الكلام 



قال الله تعالى :- (أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) 👈👈إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا👉👉أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ 👈👈وَمَا تَهْوَى الأَنفُسُ👉👉 وَلَقَدْ جَاءَهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى (23))     

(سورة النجم) 


يعنى أنهم عندما اتبعوا هوى أنفسهم وأحبوا الكفر ، أطلقوا أسماء وأكاذيب على آلهة زور ، فأكاذيبهم هو نتيجة اتباع الهوى 


قال الله تعالى :- (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) 👈👈وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ👉👉 لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (28))        (سورة الزخرف) 


الكلمة حال من المحل وهو الصدر ، واللب فهي المقصودة ، فالإيمان في العقب والذرية يجعل تلك الكلمة باقية في أفواههم ، وكذلك معنى أفئدة الناس تهوى اليهم ، فطالما كان الناس تهوى وتميل اليهم فدائما سيكون كلامهم يهوي إليهم 


فنقرأ من تفسير ابن كثير :- 

(فقال : ( وجعلها كلمة باقية في عقبه ) أي : هذه الكلمة ، وهي عبادة الله تعالى وحده لا شريك له ، وخلع ما سواه من الأوثان ، وهي " لا إله إلا الله " أي : جعلها دائمة في ذريته يقتدي به فيها من هداه الله من ذرية إبراهيم ، عليه السلام)

انتهى 



قال الله تعالى :- (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ 👈👈وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى👉👉 وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (26))          (سورة الفتح) 



ألزمهم كلمة التقوى هي نتيجة لإيمانهم ، فالكلمة حال من عقيدة الإنسان وفكره وما يميل إليه 

  


  • 13- ومن الشعر العربي :- 



ما ورد في شعر زهير بن أبى سلمى (من شعراء العصر الجاهلى) في قصيدته ( لمن طلل برامة لا يريم) حيث يقول في أحد الأبيات 


👈👈ولا ساهي الفؤاد👉👉 ولا عيي ... 👈👈اللسان إذا تشاجرت👉👉 الخصوم



انه يتكلم عن مشاجرة ويقول أنه ليس ساهى الفؤاد (يعني ليس بغافل الفؤاد) ولا عيى اللسان ، في حالة مشاجرة الخصوم أي أن لسانه حاضر للرد على الخصوم ، فهو يتكلم عن النطق والحديث ، فهو ليس بغافل وناسى الكلام ولا لسانه به عيب كل ذلك كناية عن قدرته على الرد بالكلام في الخصومات ، وهذا دليل على أن الفؤاد هو الكلام و الحديث 



وأيضا نقرأ من شعر الأخطل :- 


لَا يعجبنك من خطيب خطْبَة        حَتَّى يكون مَعَ الْكَلَام أصيلا

إنَّ الْكَلَامَ لَفِي الْفُؤَادِ                  وَإِنَّمَاجُعِلَ اللِّسَانُ عَلَى الْفُؤَادِ دَلِيلً


ينفى البعض أن هذا من شعر الأخطل ويقولون أن هذا ليس موجود في دواوينه ، ويقول البعض الآخر أن النص الصحيح هو (إن البيان لفي الفؤاد) 


وأيا كان قائل هذا الشعر ، فإنه عندما يقولا(إن البيان لفي الفؤاد) فهذا يعني أن هذا هو اسم الكلام أي الفؤاد ، والدليل عليه (أي المرشد للفؤاد) بالطبع هو اللسان ، لأن كلامك لن يظهر إلا بلسانك 





تعليقات

التنقل السريع