القرآن الكريم ينفى قتل وصلب المسيح ولكن اختلط عليهم الأمر
المقدمة :-
ينفى الله عز وجل فى القرآن الكريم قتل المسيح وأيضا ينفى شبحانه وضع المسيح عليه الصلاة والسلام ، ويوضح لنا أن الأمر اختلط على اليهود والمسيحيين وهذا هو معنى (شبه لهم) ، وان شاء الله فى هذا الموضوع سوف أعرض الأدلة على ذلك
المبحث الأول : من القرآن الكريم فإن المسيح لم يتم قتله ولا صلبه ولم تدنسه يد :-
1- مجرد أكاذيب اليهود ولكن الحقيقة أنهم لم يقتلوه ولم يصلبوه :-
قال الله تعالى :- (وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157)) (سورة النساء)
قالوا على السيدة مريم بهتان عظيم ، كانت مجرد أكاذيبهم ولم تكن حقيقية
وكذلك قالوا على المسيح أنهم قتلوه ولكنها كانت مجرد أكاذيب على أفواههم فلم يقتلوه ولم يصلبوه
ولو كانوا فعلوا ذلك فعلا ما كان رب العالمين قال (وَبِكُفْرِهِمْ …….وقولهم إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ ) ولكن كان قال (بقتلهم المسيح) ولكنه لم يقل الطريقة الثانية لأنهم لم يقتلوه بالفعل ولكنهم قالوا وزعموا أنهم قتلوه ، لقد كان الأمر مجرد قول منهم ، فقد كان رب العالمين هنا يوضح لنا أفعال بني اسرائيل السيئة والتي من ضمنها قولهم أنهم قتلوا المسيح عليه الصلاة والسلام ، قال (قولهم) وليس (قتلهم) ، فالفعل السئ هنا زعمهم الكاذب ، وهو مثل تقولهم على السيدة/ مريم ، لقد كانت أقاويلهم الكاذبة لأنها كانت أطهر امرأة ، وهذا يعني أن هذه الآية تنفى بشكل قاطع أنهم قتلوه و صلبوه بل طهره الله عز وجل منهم
2- أين حادثة الصلب والقتل فى آيات سورة آل عمران (من 52 إلى 55) ، فعدم وجودها يعني أن تلك الأحداث لم تقع أصلا :-
السؤال الآن :-
أين حادثة الصلب والقتل فى آيات سورة آل عمران (من 52 إلى 55)
الآيات تتحدث من بداية دعوة المسيح لبني إسرائيل وتنتهى برفعه ، ولكن لم يرد اطلاقا أنه تم تسليمه للرومان أو تم وضعه على الخشبة وتعريته …الخ
يعنى الآيات تنفى قصة الصلب والقتل تماما لأن القصة فى القرآن الكريم لا يوجد بها تلك الأحداث أصلا ، فمن أين زعمتم وجودها في القرآن الكريم بينما القرآن لا يقصها أصلا
بطريقة أخرى :-
آيات سورة آل عمران (من 33 الى 62) تذكر قصة السيدة مريم وابنها سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام منذ أن كانت أمها حامل بها ونذرت ما فى بطنها لله ، مرورا ببشارة الملائكة بمريم بحملها بالمسيح ، ثم قصة المسيح مع بنى اسرائيل والآيات التى جعلها الله عز وجل على يديه وايمان الحواريين ، ومكر اليهود للشر ، ومكر الله عز وجل للخير بأن توفاه ورفعه
هذه هى القصة فى القرآن الكريم ولا يوجد بها صلب و لا قتل ، وتنتهى الآيات بأن هذا هو (القصص الحق)
يعنى القصة الحقيقية فى القرآن الكريم لا يوجد بها صلب وقتل وهذا فى حد ذاته نفى لقصص الصلب والقتل وتكذيب لقصص الصلب فى الأناجيل
لأن الله عز وجل فى نهاية القصة يقول سبحانه :- (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (62)) (سورة آل عمران)
وصف القصة ((بالحق)) يعنى أن ما عداها كذب وباطل
ولذلك لم يذكر قصة الصلب لأنها أصلا لم تقع ولم يتم وضع شبيه للمسيح عليه الصلاة والسلام
يعني على سبيل المثال :-
اذا قلنا أن محمود أخذ سلاحه وذهب الى السوق وقتل كريم الذى سالت دمائه فى الشارع
إذا أردنا أن ننفي الواقعة ، ماذا سنقول ؟
سوف نقول أن محمود لم يطلق النار على كريم ولم يقتله
جملة بسيطة جدا وانتهى الأمر
لا يوجد مجال للحكايات أصلا ، لأنه لا توجد حكاية من الأصل فمحمود لم يذهب إلى السوق ولهذا لم يقتل كريم
ولو كان تم صلب المسيح كما يزعم المسيحيين ، كان لا بد وأن يرتد عن المسيح عليه الصلاة والسلام ، أتباعه لأنهم يهود ، وما كان لقصة قيامته أي نفع ، لأنهم كانوا سوف يظنون أنه ساحر ، والساحر فى الكتاب المقدس لديه قدرة على تحويل العصا الى ثعبان يعني تحول الميت إلى كائن حي (خروج 7: 10 - 12)
ولكن الغريب فى قصص الصلب أنهم زعموا بصلبه ومع ذلك ظل تلامذته يؤيدونه ويؤمنون به ، وهذا يتعارض مع معتقدات اليهود
وهذا يعنى أن الكتبة كانوا متأخرين عن زمان الأحداث وكانوا يؤلفون قصة خيالية
3 - نفى الصلب يعني نفى وضعه على الصليب ، وتفسير معنى الصلب موجود في القرآن الكريم نفسه :-
من المعجم
صلَبَ الجسمَ/ صلَبَ فلانًا :علَّقه ممدود اليدين مشدود الرِّجلين قتلاً أو تعذيبًا
وبذلك فإن الوضع على الصليب فى حد ذاته حتى بدون قتل اسمه ((صلب)) ، فالوضع على الصليب المقصود به التعذيب ، وهذا التعذيب قد يؤدى الى الموت وقد لا يؤدى
لذلك يكون نفى الصلب هو نفى الوضع على الصليب
وطالما نفى الله عز وجل عنه الصلب يعنى نفى وضعه على الصليب (يعنى نفى الوضع على الخشبة)
و سوف نرى معنى الصلب فى القرآن الكريم
قال الله تعالى :- (قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71))
(سورة طه)
لا حظوا
فرعون قصد من صلبهم هو تعذيبهم ، فيقول (أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى) ، يعنى يظلوا يتعذبوا أطول فترة ممكنة ، فلم يكن يقصد القتل بل أن الوضع نفسه هو تعذيب للانسان ، بالاضافة الى التعذيب النفسى (بالاهانة) ، ولذلك يكون نفى الله عز وجل عن المسيح عليه الصلاة والسلام هو نفى وضعه على الصليب من الأصل وليس قتله مصلوب
وهذا يتفق مع آيات الله عز وجل التي تثبت أن الله عز وجل طهره من الذين كفروا ، وكذلك (وجيها في الدنيا)
يعنى استحالة إذلاله أو تعذيبه أو إهانته بأى شكل مما يعنى استحالة وضعه على صليب حتى وان كان بدون موت
4- الله عز وجل طهره من الذين كفروا أي أنه لم ينجسه أحد :-
قال الله تعالى :- (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53) وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54) إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (55)) (سورة آل عمران)
ترتيب الأحداث :-
1- سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام أحس الكفر من بنى اسرائيل وأنهم مستمرين فى رفض دعواه ، فقالها صراحة من أنصاري الى الله
2- فآمن من اليهود طائفة وهم الحواريين عندما قالوا (نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)
3- ولكن باقى اليهود مكروا للشر ، لقد أرادوا صلبه وقتله وتسليمه للرومان بدعوى أقاموها عليه كذبا وبهتانا
4- فمكر الله عز وجل للخير ، أى أنه أفشل مخططهم ، ولكن كيف مكر على مكرهم بحيث يفشل مخططهم
5- توفاه ورفعه إليه (وطهره من الذين كفروا)
ماذا يعنى هذا ؟؟
طهره منهم يعنى لم يستطيع أحد أن ينجسه أو يضربه أو يمسه بسوء ، يعنى لم يستطيع أى شخص سواء يهودى أو رومانى أن يمسه بسوء
يعنى هم مكروا بأن يضعوه على الخشبة ، ولكن الله عز وجل مكر بأن ((طهره منهم)) ، يعنى لم يستطيع أحد أن ينجسه أو يضربه أو يمسه بسوء ، استحالة أن أحدهم وضع يده على جسد المسيح عليه الصلاة والسلام بالأذى، يعني لم يتم القبض عليه أصلا
5 - بشارة الملائكة به وبما سيكون عليه تنفى تماما فكرة صلبه ، فهو (وجيها في الدنيا) :-
قال الله تعالى :- (إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45)) (سورة آل عمران)
بشر الملائكة بأن المسيح يكون (وجيها فى الدنيا)
وكلمة (وجيها) لا تتفق مع قصص الصلب
لأن وجيها يعنى صاحب وجاهة وسلطة، والوجيه لا يمكن أن يصلب ويعرى
يعنى البشارة نفسها تنفي صلب و قتل المسيح عليه الصلاة والسلام
يعنى استحالة أن مسته أيد بشر بسوء
6 - الله عز وجل كف بني إسرائيل عن المسيح عليه الصلاة والسلام :-
أي منعهم من الوصول اليه وايذائه بأي شكل
قال الله تعالى :- (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ (110)) (سورة المائدة)
أراد بني إسرائيل ايذاء المسيح عليه الصلاة والسلام إلا أن الله عز وجل منعهم من الوصول اليه ، وهذا دليل على عدم قتله وعدم صلبه ، فلم تمسسه يد بأي سوء
7 - المسيح عليه الصلاة والسلام يكلم الناس في المهد ويقول (يوم أموت) ولم يقل (يوم أقتل) بل أنه يؤكد على الموت طبيعيا بكلمة (السلام على ) :-
قال الله تعالى :- (وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34)) (سورة مريم)
لاحظوا أنه قال (يوم أموت) وليس (يوم أقتل) ، وسبق وأن أوضحت أن الله عز وجل فى القرآن الكريم يفرق بين الموت طبيعى وبين القتل
ولاحظوا أيضا أنه يقول (السلام على) ، يعنى ولد فى سلام ، فلم يستطيع اليهود الاقتراب منه أو من والدته بأى سوء
والسلام عليه يوم موته ، يعنى لم يقتل ولم يستطيع أحد الاقتراب منه فهو مات فى سلام
والسلام عليه يوم يبعث حيا ، يعنى سوف يبعث كريما مقربا من الله عز وجل وليس من الذين تضربهم الملائكة ، يعنى مثواه الجنة
قال الله تعالى :- (إِذْ قَالَتِ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45)) (سورة آل عمران)
المبحث الثانى : (وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ) يعني اختلط عليهم الأمر لأنهم لم يشاهدوا الصلب ، يعني اشاعات :-
قال الله تعالى :- (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157)) (سورة النساء)
بعض المفسرين فسروا (ولكن شبه لهم) على أن الله عز وجل جعل شبيه له يوضع على الصليب ، ولكن هذا الفهم هو فهم شخصى من بعض المفسرين ولكن لم يرد في القرآن الكريم إطلاقا أن الله عز وجل وضع شبه المسيح عليه الصلاة والسلام على شخص آخر
وعندما نعود لتفسير التحرير والتنوير للإمام محمد الطاهر بن عاشور سوف نجد أنه أعطى احتمال آخر لتفسير الآية ، فنقرأ ما يقوله :-
(ويحتمل أن يكون المعنى ولكن شبه لليهود الأولين والآخرين خبر صلب المسيح ، أي اشتبه عليهم الكذب بالصدق ، فيكون من باب قول العرب : خيل إليك ، واختلط على فلان . وليس ثمة شبيه بعيسى ولكن الكذب في خبره شبيه بالصدق ، واللام على هذا لام الأجل : أي لبس الخبر كذبه بالصدق لأجلهم ، أي لتضليلهم ، أي أن كبراءهم اختلقوه لهم ليبردوا غليلهم من الحنق على عيسى إذ جاء بإبطال ضلالاتهم .)
انتهى
هذا يعني أن القول أن الله عز وجل جعل شخص آخر شبهه ، فاعتقد اليهود أنه المسيح فوضعوه على الصليب هو مجرد فهم شخصى وليس علم من كتاب الله عز وجل
يا سادة ان ما يحكمنا هو القرآن الكريم نفسه وليس أفهام البعض لذلك دعونا نحتكم للقرآن الكريم لنفهم المعنى لآن :-
(شُبِّهَ لَهُمْ) يعنى اشتبه عليهم الأمر ، وهذا لا يحدث الا مع الاشاعات
يعنى زعماء الكهنة أطلقوا اشاعات أن المسيح تم صلبه وقتله ، وبمرور الزمان بدأت الناس تصدق هذا الكلام فشبه لهم ، ولكن كان هناك من ينفيه ، لذلك لم يكونوا متيقنين من هذا الكلام
ولذلك قال الله عز وجل في بداية الآية (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا)
قولهم هذا هو السبب فى التشبه على الناس ، وليس لأن هناك واقعة حدثت
فاختلط الأمر على الناس بعد فترة من الزمان حول هل تم صلب المسيح أم تم انقاذه
وليس معناه أن هناك شخص آخر تم وضع الشبه عليه أو ظنوه المسيح ، مثلما نجد شخص مات ، ثم بعد فترة يخرج علينا أحدهم ويقول أنه مات مسموما أو مقتولا ، ونجد آخرين ينفون الواقعة
يا سادة :-
ان الله عز وجل أكمل الآية بجملة توضح ما معنى (شبه لهم) عندما قال سبحانه :- (مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا)
إن عدم التيقن من شئ يعني أن من قال بهذا الشئ أو سمعوه ، لم يشاهدوه ، يعنى كان هناك كلام وكان هناك عكسه ، ولم يرى أحد شئ ، لذلك لم يكن هناك يقين وشبه لهم
وللتوضيح أكثر ومن خلال آيات القرآن الكريم
قال الله تعالى :- (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75))
(سورة الأنعام)
لقد جعل الله عز وجل سيدنا إبراهيم (يرى) ملكوت السماوات والأرض ويتفكر فيهم حتى يكون من الموقنين ، فاليقين جاء برؤية الشئ وفهمه
قال الله تعالى :- (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ (22)) (سورة النمل)
لماذا أتى بالنبأ اليقين ؟؟!!
لأنه شاهده بنفسه
أما من لا يشاهد بنفسه فلا يكون متيقن
وهذا يعني أن سبب عدم تيقن اليهود والمسيحيين بقتل ووضع المسيح على الصليب سببه أنهم لم يشاهدوا أي شئ من تلك الأحداث لأن الله عز وجل كان قد توفاه قبلها ، وهذا يعني أن قولهم أنهم قتلوه أو صلبوه هو كلام الاشاعات والخلط الذي أطلقه الكهنة يعني الأكاذيب التي أطلقها الكهنة
فلم يحدث أى من هذا الكلام
ونتأكد مما أقوله من نفس الآيات التي تتكلم عن المسيح عليه الصلاة والسلام
لاحظوا ماذا يقول سبحانه :- (مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ) ، يعنى الأمر كله كان ظن وليس عن علم ، وهذا نتيجة لعدم رؤيتهم شئ مما زعموه ، لأنهم لو كانوا شاهدوا واقعة الصلب أو القتل كان سيكون هذا علم ولكن الله عز وجل نفى عنهم العلم بما حدث بالحقيقة ووصف قولهم بأنه ظن
مثلما من سمى الملائكة تسمية الأنثى ، فهم يقوله ظنا واستنتاجات ولم يرى أحد أى شئ ، وهم حتى لم يروا الملائكة أصلا حتى يقولوا أنهم اناث
قال الله تعالى :- (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الأُنثَى (27) وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا (28)) (سورة النجم)
أما إذا كان الموقف كما فسره البعض بأنهم وضعوا شبيه له على صليب واعتقدوا بموته ، عندها وحتى وان كان اعتقادهم خطأ فلن يكون بالنسبة لهم ظن بل سيكون يقين ((بالنسبة لهم))
ولكن الآيات تقول أنهم كانوا غير متيقنين
ببساطة شديدة لأنهم لم يشاهدوا أى شئ مما زعموا
ملحوظة :-
لم يرد في القرآن الكريم اطلاقا أن أحد من الحواريين خانه بل هي قصص المسيحيين التي كتبوها بناء على الاشاعات التي سمعوها
بل من الواضح فى القرآن الكريم أن كل تلاميذه (الحواريين) كانوا صالحين ، ولم يرد أن هناك من خانه
لأنه أصلا لم يتمكن اليهود من وضع أيديهم عليه ، لقد ألفوا قصة خيانة يهوذا ليبرروا بعد ذلك قصتهم الوهمية عن القبض على المسيح عليه الصلاة والسلام ووضعه على الصليب
قال الله تعالى :- (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُواْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111)) (سورة المائدة)
قال الله تعالى :- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14)) (سورة الصف)
كتبة الأناجيل كانوا يكتبون الاشاعات ولم يرى أحدهم أي شئ من الأحداث بدليل تخبطهم في قصص الصلب والأكثر من ذلك ما نقرأه في رسالة كورنثوس الأولى
فنقرأ من رسالة كورنثوس الأولى :-
15 :4 و انه دفن و انه قام في اليوم الثالث حسب الكتب
15 :5 و انه ظهر لصفا ثم للاثني عشر
يعنى 13 تلميذ كانوا موجودين عند ظهور يسوع بعد القيامة
يعنى كاتب تلك الرسالة لا يعتقد في قصة خيانة يهوذا
وحتى يحل علماء المسيحية تلك الاشكالية زعموا أن جماعة التلاميذ أطلق عليهم (الاثني عشر) بغض النظر عن عددهم ، بالطبع كلام غريب خاصة بعد أن نقرأ سفر أعمال الرسل
فنقرأ من سفر أعمال الرسل :-
1 :26 ثم القوا قرعتهم فوقعت القرعة على متياس فحسب مع الاحد عشر رسولا
لو كان ادعاء أن مسمى التلاميذ (اثنى عشر) بدون النظر عن عددهم الفعلي ، فلماذا كاتب سفر أعمال الرسل يقول (الأحد عشر رسولا) ؟؟!!!!
كما أن اختيار متياس جاء بعد مشاهد قيامة يسوع المزعومة (أعمال 1: 9 - 13)
انهم لا يعلمون شئ وكانوا يكتبون الاشاعات ولذلك يجب على المسلم ألا يحاول أن يفهم الحقيقة من خلال تلك الكتب
فعلى سبيل المثال قال اليهود على سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام أنه كفر وأنه عابد أوثان ، ولكن الله عز وجل كذبهم
قال الله تعالى :- (وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُواْ)
(من الآية 102 من سورة البقرة)
الحق يتم أخذه من القرآن الكريم فقط
ومن كان على حق فانه يرجع الى كلام الله عز وجل في القرآن الكريم
تعليقات
إرسال تعليق