يقول أصحاب الشبهة :-
أن هناك رواية تقول بأن ابن عباس كان يقرأ الآية 24 من سورة النساء :- (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة) وليس كما هي بالمصاحف حاليا (فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) ، وهذا يعني تحليل زواج المتعة واختلاف في القرآن الكريم
انتهى
الرد على الشبهة :-
قال الله تعالى :- (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24))
(سورة النساء)
القول بأن ابن عباس كان يقرأ :- (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة) هو حديث آحاد ولا يوجد ما يدعمه فالقراءة المتواترة والصحيحة هي :- (فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) ، فلا يوجد قرائن في القرآن الكريم تدعم ذلك الحديث ، وبالتالي فإن ما نقرأه حاليا هو الصحيح والمتفق مع باقي آيات القرآن الكريم ومع سياق الآيات نفسها
ومع ذلك سوف أفترض أنه كان يقرأ الآية وبها (الى أجل مسمى) ، فهذا لا يغير المعنى ، ولا يعني نكاح المتعة فقد يعني إلى قضاء الله عز وجل بنهاية تلك الزيجة سواء بالوفاة أو بالطلاق بدون نية لذلك في بداية الزواج وبالتالي فهو لا إشكالية به سواء كان بتلك القراءة أو بالقراءة المتواترة والموجودة بالمصاحف وذلك للأسباب الآتية :-
1- جملة (أجل مسمى) جاءت فى آيات من القرآن الكريم بمعنى القدر الذي قدره الله عز وجل سواء لعمر الإنسان وقضاء أجله أو لعمر الكون أو لمدة تكون الجنين ، فليس بالضرورة تعنى توقيت يحدده البشر
ولكن تعنى أنه القدر الذي قدره الله عز وجل لتلك الزيجة
قال الله تعالى :- (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (60)) (سورة الأنعام)
(لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى) أي أجل كل انسان في الحياة حتى موته
قال الله تعالى :- (وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْا فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ (3)) (سورة هود)
(إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى) أي قضاء الموت
قال الله تعالى :- (اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ (2)) (سورة الرعد)
(لأَجَلٍ مُّسَمًّى) أي قضاء الله عز وجل لنهاية الكون وقيام القيامة
قال الله تعالى :- (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ (2)) (سور الأنعام)
(وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ) أي قضاء الله عز وجل ما بين أن يموت إلى أن يبعث
قال الله تعالى :- (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5)) (سورة الحج)
(وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ) أي الوقت الذي قضاه الله عز وجل للأجنة بأن تبقى في أرحام أمهاتهم
2- أما عندما جاءت بمعنى توقيت يحدده البشر فجاء معه الكتابة أي يجب أن يكتب ويحدد هذا التوقيت ليكون نهاية تلك العلاقة وهذا لم يرد في الرواية المنسوبة لابن عباس
قال الله تعالى :- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ) - (من الآية 282 من سورة البقرة)
ولكن طبقا للرواية المنسوبة لابن عباس فإنه كان يقرأ :- (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن فريضة) ، لذلك لو كان المقصود نكاح المتعة لتوقيت محدد فكان يتعين أن يذكر الكتابة لذلك الأجل ، كما حدث في الآية 282 من سورة البقرة ، ولكن هذا لم يرد
فقد يختلف الرجل والمرأة بعد ذلك في مدة تلك العلاقة التي حددا لها قيمة معينة لتوقيت محدد لذلك من الطبيعي جدا طالما أنه أجل محدد بمعرفة البشر بين طرفين أن يكون معه كتابة تماما مثل علاقة الدائن والمدين ، ولكن هذا لم يرد في الرواية عن ابن عباس
بل إنه حتى على فرض صحة تلك الرواية فان المقصود من (إلى أجل مسمى) أي هو قضاء الله عز وجل الذى قدره سبحانه لنهاية هذه الزيجة ، وذلك بانقضاء أجل أحد الزوجين أو استحالة العشرة بينهم بد ذلك فيكون بالطلاق بدون نية لذلك في بداية الزواج ، يعنى لم يتغير المعنى
3- الآية (50) من سورة الأحزاب توضح أن الزوجات بدون متعة لهن أجورهن أي مهر
آيات القرآن الكريم توضح بعضها البعض وك ذلك سياق الآيات في سورة النساء توضح لنا أن الأجور في الزواج إلا علاقة لها اطلاقا بزواج المتعة وان شاء الله سوف نرى ذلك تفصيلا
قال الله تعالى :- (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24))
(سورة النساء)
الآية 24 تتكلم عن ما أحله الله عز وجل للرجال بعد أن تلا ما حرمه عليهم ، فكان ما حرمهم على الرجال هو الزنا بينما أحل لهم الزواج بمهر ، فلا علاقة بالآية بزواج المتعة اطلاقا
فأجورهن المقصودة في الآية 24 من سورة النساء هي المهر الذي تأخذه المرأة من زوجها ، فهو مهرها لتلك العلاقة التي يقدر الله عز وجل مدتها ، وهذا توضح في الآية 50 من سورة الأحزاب
قال الله تعالى :- (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ (إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الَّلاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَيْكَ) وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ الَّلاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ)
(من الآية 50 من سورة الأحزاب)
يعنى الزوجات يكون بأجر (أي بمهر) ولا علاقة لذلك بزواج المتعة ، فأي زواج من امرأة حرة له مهر
نقرأ من تفسير الطبري :-
(يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ) يعني: اللاتي تزوجتهن بصداق مسمى.)
انتهى
قال الله تعالى :- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)) (سورة النساء)
ونقرأ من تفسير ابن كثير :-
(وقوله : ( ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن ) أي : لا تضاروهن في العشرة لتترك لك ما أصدقتها أو بعضه أو حقا من حقوقها عليك ، أو شيئا من ذلك على وجه القهر لها والاضطهاد) انتهى
يعني في الزواج بدون تحديد مدة يوجد حقوق مالية للمرأة على الرجل فهو مهرها ، ولا يحق للرجل أن يأخذ هذا المهر ويجب أن يعاشرها بالمعروف ، فلا يوجد في الآية اطلاقا توقيت مدة محدد لتلك الزيجة التي بها مهر
تعليقات
إرسال تعليق